بقلم: د. فايز الشهري – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – عشرون عاما مضت وأفغانستان تحت السيطرة المباشرة للجيش الأميركي وحلف الناتو، ومعهما شركاء وحلفاء ومقاولون كبارا وصغارا، عمليّة طويلة بدأها الرئيس الأميركي بوش الابن (عام 2001) معلنا في خطابه للأمة “لم نطلب هذه المهمة، لكننا سننجزها”، وخلال هذين العقدين رأى العالم مشاهد “الإنجاز” في الانسحاب المذل للحلفاء من كابول، نعم كان هناك نجاحات ولكنها ضئيلة مقارنة بالوعود والتوقعات والتضحيات، لقد بلغ الإنفاق الأميركي على الحرب طيلة 20 عاما معدل 136 مليون دولار يوميا (تقدرها مجلة فوربس بـ300 مليون دولار يوميا)، أما “الجيش الأفغاني” الذي دربه الأميركيون وحلفاؤهم “جيدا” والبالغ عدده 300 ألف عنصر تقريبًا فقد تبخّر في يوم وليلة وهرب رئيس الحكومة “أشرف غني” تاركا بلاده للمجهول.
وما هو أعظم جاء في ثمن الأرواح التي ذهبت على ثرى أفغانستان بينهم قرابة 2500 عسكري أميركي وما يقرب من 4000 متعاقد مدني أميركي. وما الثمرة أيضا لمقتل ما يقدر بنحو 69 ألف عسكري أفغاني، وحوالي 50 ألف مدني، بالإضافة إلى 51 ألف قتيل من معارضي الحكومات المتعاقبة في أفغانستان.
لماذا الجميع خاسر في أفغانستان؟
أولا: سقط النظام الذي دعمه الأميركيون وتبعهم المجتمع الدولي في ظرف ساعات، ثانيا: استعادت طالبان “التي ما زالت تصنفها معظم دول العالم إرهابيّة” السيطرة على بلدها وبدأت تفاوض وتضع الشروط، أما في الجوار وما حول الجوار الأفغاني فقد خسر الجميع تقريبا حيث خسرت الهند وإيران والصين حلفاءها الذين استثمرت في الوضع السابق الكثير من الجهد والمال.
لقد استثمرت الهند وحدها في أفغانستان أكثر من 3 مليارات دولار في أكثر من 400 مشروع بنية تحتيّة. أما الصين التي تخطط لضم أفغانستان لطريق الحرير فقد فازت شركات صينيّة بعقود استخراج ثاني أكبر رواسب النحاس في العالم (بقيمة لا تقل عن 50 مليار دولار) مقابل 3.4 مليارات دولار، كما فازت بمشروع حفر حقول نفطيّة لمدة 25 عامًا، هذه الطموحات الصينيّة ستكون محل تساؤل في الوضع الجديد، باكستان الأخرى وهي الداعم الرئيس لطالبان (في نسخته الأولى) تتوجس خيفة من طالبان الجديدة وارتباطاتها السريّة والعلنيّة، وأكثر ما يخيفها أنه في حال الاستقرار قد تخرج أفغانستان من العباءة وفي حال الفوضى فإن جماعة طالبان – باكستان تتربص وأمواج اللاجئين الأفغان ستتجه أولا إلى الحدود الباكستانيّة، أما إيران فستنكشف سياسة الثعالب واللعب على الحبلين قريبا فلم يعد مجديا دعم الحكومة سرا والمعارضة علنا في أفغانستان.