بقلم: ناجي صادق شراب – جريدة ايلاف
الشرق اليوم– بقراءة السلوك السياسي الإيراني وتحليل أهداف السياسة الخارجية الإيرانية يأتي الحفاظ على النظام الملالي كأولوية قصوى. وهو نظام من وجهة نظر إيران ليس قاصرا على إيران فقط بل يرتبط بإحياء الإمبراطورية الإيرانية، ومن هنا محددات السلوك الإيراني يحكمها البعد القومي الفارسي والبعد الديني الذي يجسده نظام الحكم الملالي. وهذه المحددات هي التي تفسر لنا هذا التوسع نحو الشرق والغرب والشمال والجنوب، وإن كانت منطقته الأولى المنطقة العربية.
السؤال هنا ما علاقة القوة النووية والرغبة في امتلاك القنبلة النووية بهذه الأهداف والأولويات؟ العلاقة من وجهة نظر إيران أن القوة النووية هي التي تحمى هذه الأولويات وتحافظ عليها، ومن ناحية أخرى تفرض على العالم ان يعترف بإيران كقوة إقليمية بمصالح دولية، والاعتراف بمناطق النفوذ الإيرانية، ومن ناحية ثالثة كسر الاحتكار الإسرائيلي للقوة النووية، وان إسرائيل ليست القوة النووية أو دولة القوة الوحيدة، وما لذلك من انعكاسات على موازين القوى في المنطقة وإعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، وعدم قدرة أي قوة تجاهل القوة الإيرانية، في هذا السياق يمكن فهم موقف إيران من المفاوضات النووية التي استؤنفت ثم توقفت. وما يؤكد على مصداقية هذه الفرضية انتخاب الرئيس رئيسي والذي يعكس التيار المتشدد والذي هو اختيار خامنئي.
هذا التغير ليس عابرا، لكنه مقصود ويرتبط بالتمسك بالأولويات الإيرانية وعلى راسها حقها في امتلاك القدرات النووية، والنقطة المهمة التي قد تكون غائبة عن الجميع أن إيران فعلا قد خطت خطوات كبيرة نحو امتلاك القوة النووية، والدخول في النادي النووي بشكل رسمي فهي بينها وبين هذه القوة خطوة واحدة قد تكون خطوة الإعلان. ومن ناحية إيران ترى من حقها ان تملك هذه القوة النووية بحكم أن دولا مجاورة لها الهند والباكستان تعتبران دولتان نوويتان. هذا إلى جانب إسرائيل. هذه التصورات تؤكد لنا أن إيران لن تتنازل عن هذا الحق. ونعود للتساؤل ما هي المتغيرات والتطورات الجديدة التي قد تشجع إيران على المضي قدما في تحقيق هدفها؟ لعل المشهد الأفغانستاني يعمل لصلح إيران، فمن حيث المبدأ أي انسحاب أميركي تعتبره إيران في صالحها. فهذا الانسحاب الأميركي والذى وصفه هنري كيسنجر بكارثة أميركية طوعية، وضع أميركا بين مطرقة أفغانستان، وبين سندان التداعيات الداخلية وزيادة الضغوطات على إدارة بايدن واتهامها بالفشل فهذ ا الانسحاب وتداعياته اول تحد يواجه إدارة بايدن الذى أفقدها شعار العودة للقوة ألأميركية، فلم يعد ينظر لأميركا أنها القوة الكونية الوحيدة، ولم يعد السلام الأميركي هو المتحكم في العالم وهذا من وجهة نظر إيران منحها مزيدا من القوة والتشدد والفرص للتمسك بموقفها التفاوضي من مفاوضات فيينا وأنها ليست متعجلة من أمرها، أميركا من انسحبت من الاتفاق لتعد له. فالاتفاق أصلا يمنح إيران الفرصة نحو امتلاك السلاح النووي، هذا وترى أندريا سترايكر الباحثة في الشأن النووي في معهد الدفاع عن الديموقراطيات.
هذا هو الوقت لإيران لامتلاك السلاح النووي. ومما يزيد من هذه الفرصة إيمان القيادة في إيران ان الوضع الذى فيه إيران ليس كما كان قبل عقدين من غزو أميركا للعراق، وان إيران في وضح أقوى ويسمح لها بالمضي قدما في امتلاك السلاح النووي، فلم تعد أميركا المتحكمة مع زيادة الدور الروسي والصيني، وهذا ما يفسر لنا العلاقات الاستراتيجية التي تقوم بين إيران وهاتين الدولتين، أضف إلى ذلك أن إيران ترى في نفسها نفس الفرصة كما للهند والباكستان إلى جانب إسرائيل.
هذه التطورات والتي تزامنت مع تولى رئيسي للرئاسة في إيران يدفع بنا للقول إن توجه إيران سيكون أكثر تشددا. وتبقى التساؤلات عن الخيارات الأميركية؟ وعن الموقف الإسرائيلي وهو المتغير الرئيس في معادلة القوة النووية الإيرانية إدراكا من إسرائيل أن امتلاك إيران للقوة النووية يعني بداية النهاية لها، ويوجه ضربة قوية لأمنها، وقد يكون هذا القلق أحد أهداف زيارة بينت الأخيرة لواشنطن ولقائه بالرئيس بايدن. هذا المتغير هل يكون المبرر لحرب إقليمية شاملة تحاول إيران تجنبها الآن لأنها ستمس نظامها ومستقبلة وخصوصا مع هشاشة نظامها الداخلي والمشاكل الاقتصادية، فهل يفرض هذا المتغير بالحرب الإقليمية الشاملة على إيران أن تبدى مزيدا من الواقعية وتؤجل أحلامها بامتلاك السلاح النووي؟