الرئيسية / مقالات رأي / آسيا أقلقها الإنهيار الأفغاني… فهل تطمئنها هاريس؟

آسيا أقلقها الإنهيار الأفغاني… فهل تطمئنها هاريس؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي 

الشرق اليوم – عندما هبطت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في فيتنام ضمن جولتها الآسيوية، عادت إلى الأذهان مشاهد الإجلاء الأميركي الشهير من سايغون عاصمة فيتنام الجنوبية قبل 46 عاماً. ربما كان للذاكرة أن تكون أقل وطأة لو لم تتزامن مع إستعادة التاريخ نفسه، لكن هذه المرة في مطار كابول، التي تسابق فيها القوات الأميركية الوقت لاستكمال عملية إجلاء عشرات آلاف الرعايا والأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأجنبية في الأعوام العشرين الماضية.  

ويبدو أن الانهيار الأفغاني هو الذي عجل في الجولة الآسيوية لهاريس في هذا التوقيت، وذلك بهدف بث الطمأنينة لدى شركاء أميركا في منطقة آسيا-المحيط الهادئ التي تعتبرها إدارة بايدن ساحة المواجهة الإستراتيجية مع الصين.

بعد الإنسحاب الأميركي من أفغانستان وما تخلله من انهيار سريع فاق التوقعات لحكومة كابول المدعومة من واشنطن وعودة حركة “طالبان” إلى السلطة، بدأت تثار تساؤلات عن مدى الالتزام الأميركي بقضايا أخرى في العالم تمتد من الشرق الأوسط إلى آسيا.

وحتى الحلفاء الأوروبيين، بعد مشاهد مطار كابول، بدأت تساورهم الشكوك حيال مدى ترجمة بايدن شعاره “أميركا عادت”، بينما ها هي تغادر أفغانستان على عجل، ما تسبب في حالة إرباك في عمليات إجلاء الرعايا الأجانب وما بات يطلق عليهم “المتعاونون الأفغان”.   

ومن هنا، يمكن إدراج جولة كامالا هاريس في منطقة آسيا-المحيط الهادئ على أنها بمثابة رسالة طمأنة إلى الدول المتحالفة مع أميركا، والتي تخشى من الصعود الصيني ومن تبعات التوتر في بحر الصين الجنوبي وتايوان.  

ومنذ دخوله إلى البيت الأبيض يولي بايدن أهمية قصوى لاحتواء الصين، في وقت تتزايد القضايا الخلافية بين أقوى اقتصادين في العالم، من التنافس التجاري “الشرس”، إلى إقرار الصين قانون القومية في هونغ كونغ، إلى تصاعد التوتر مع تايوان، إلى زيادة نشاط بيجينغ في بحر الصين الجنوبي، ما يشكل قلقاً جدياً لدى الدول الإقليمية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين وفيتنام وأستراليا.

وعمل بايدن منذ اليوم الأول لتوليه الرئاسة، على إحياء حلف “الكواد” مع الهند واليابان وأستراليا في مواجهة الصين، وزادت البحرية الأميركية من إرسال حاملات الطائرات والبوارج والقاذفات الاستراتيجية إلى المنطقة، وأقرت بيع أسلحة لتايوان وتعددت زيارات المسؤولين الأميركيين لتايبه على رغم الانزعاج الصيني، كما فرضت واشنطن سلسلة من العقوبات على شركات صينية على خلفية تطبيق قوانين صينية صارمة في هونغ كونغ أو بسبب الاشتباه بوجود علاقات لهذه الشركات مع إيران، فيما لا يزال الخلاف مستحكماً حول منشأ فيروس كورونا، الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية. وتتهم واشنطن بكين بإخفاء معلومات عن منظمة الصحة العالمية بينما لم يحسم بعد احتمال تسرب الفيروس من مختبر للفيروسات في ووهان.  

الضغط الأميركي على الصين، يلاقي قبولاً من الحزبين في الولايات المتحدة. ويحض بايدن شركاءه الأوروبيين على الانضمام إلى الولايات المتحدة في حملتها لمواجهة التغلغل الاقتصادي الصيني في العالم، لا سيما “مبادرة الحزام والطريق”، التي تشمل عشرات الدول في العالم من آسيا إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية.  

وحتى أن بعض المحللين في الغرب يدرجون الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتخفيف الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط عموماً، في سياق الاستراتيجية الأميركية الواسعة للتركيز على احتواء الصين، وتعزيز الانتشار العسكري الأميركي في آسيا-المحيط الهادئ.     

وعلى رغم تجوال هاريس برسائل التطمين، فإن مشاهد الفوضى في كابول، لا بد وأنها هزت الثقة بالصدقية الأميركية لدى الحلفاء. وترميم هذه الصدقية يحتاج وقتاً وأفعالاً.  

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …