الرئيسية / مقالات رأي / ميركل بعد التقاعد

ميركل بعد التقاعد

بقلم: حسن مدن – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – قريباً جداً لن نرى صور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الشاشات وفي الصحف، وهي تصافح الرؤساء الأوروبيين وسواهم من زعماء العالم، أو تقف أمام البرلمان مقدّمة برامج حكومتها. ليس الألمان وحدهم من سيفتقدون حضور الزعيمة الأوروبية الأشهر خلال أكثر من عقد ونصف العقد، وإنما العالم كله. والأرجح أن الجميع سيذكرها بكل خير، بما في ذلك من اختلفوا معها، داخل بلدها أو خارجها.

ميركل آتية من شرقي ألمانيا، يوم كانت ألمانيا مقسمة إلى شرقية وغربية، واحدة اشتراكية وأخرى رأسمالية، وليس واضحاً ما الذي أخذته من عيشها في الشرق الاشتراكي الألماني، ولكنها، بالتأكيد، كانت ممثلة نموذجية لألمانيا الموحدة، وللطراز الغربي من نظام الحكم والإدارة والسياسة الخارجية، بما في ذلك طريقة إدارتها لملف العلاقات الشائك مع روسيا، فهي، كغالبية الزعماء الأوروبيين أو كلهم، لم تهادن «الكرملين»، ولكنها لم تذهب إلى حدّ القطيعة معه، بل حرصت على ألا تنساق مع التصعيد الأمريكي في العلاقات مع موسكو، وقاومت بثبات ضغوط واشنطن لهدّ الجسور مع الروس، ولم يكن غير ذي مغزى أن آخر مهمة خارجية قامت بها ميركل هي زيارة موسكو والالتقاء مع فلاديمير بوتين.

في سبتمبر/ أيلول القادم ستجري الانتخابات الألمانية، ولكن ميركل ستبقى مستشارة حتى تتشكل الحكومة الجديدة، وهو أمر يستغرق أسابيع على الأقل، إن لم يكن شهوراً، ولكنها ألمانيا وليست لبنان، ففي النهاية ستتشكل حكومة جديدة، ويعلن عن اسم المستشار الجديد.

وحتى قبل مغادرتها المنصب ينشغل الإعلام الألماني بما ستفعله ميركل في حياتها القادمة، وهل ستألف حياة الهدوء والراحة، وهي المدمنة على العمل، والتي اعتادت أن تكون في قلب الحدث.

أثناء زيارتها لواشنطن في يوليو/ تموز الماضي سُئلت ميركل عن تصورها لفترة تقاعدها، فأجابت بأنها ستتمتع بقسط من الراحة أولاً، ولن تقبل أي دعوات، مضيفة أنه يجب عليها إدراك أن مهامها السابقة «يقوم بها شخص آخر الآن»، وتابعت: «أعتقد أن هذا سيعجبني كثيراً».

وعلى صلة بالسؤال نفسه عن برامجها لما بعد التقاعد، قالت إنها تريد التفكير في «ما يثير اهتمامي حقاً». «بعد ذلك، قد أحاول قراءة شيء ما، ثم أغلق عينيّ لأنني متعبة، ثم سأنام قليلاً، لنرى بعد ذلك أين سأظهر».

ستتمتع ميركل براتب تقاعدي ممتاز، يبلغ 15000 يورو، ليس فقط بسبب كونها مستشارة سابقة، وإنما أيضاً بالنظر لحياتها الوظيفية الطويلة السابقة لتبوّئها المستشارية، لكن هل ترى سيكون هذا الراتب وحده كافياً لجعل حياتها المقبلة مسليّة بالضرورة، بعد أن تخلد لبعض النوم وبعد بعض القراءة؟

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …