الرئيسية / مقالات رأي / بانتظار “طالبان” جديدة

بانتظار “طالبان” جديدة

الشرق اليوم- يبدو أن “طالبان” جديدة تتشكل بعد توليها السلطة في كابول، إثر الهزيمة السريعة للجيش الأفغاني وسقوط النظام السابق.

 ما يصدر من مواقف حتى الآن عن قادة الحركة يشير إلى تحول في نهجها وأيديولوجيتها المعروفة، وأنها تقوم بمراجعة فكرية وسياسية كي تكون جزءاً من المجتمع الدولي مستفيدة من تجربتها خلال توليها السلطة بين عامي 1996 و2001، ومن سنوات الحرب المريرة التي دامت لأكثر من عشرين عاماً، وهي سنوات عجاف كانت قاسية ومدمرة لأفغانستان والشعب الأفغاني الذي قاسى الأمرين، وعانى ما عاناه من قتل ودمار.

 تحاول “طالبان” أن تظهر للعالم بوجه جديد مختلف عما عرفه عنها في السنوات الماضية، فهي تسعى الآن لعقد مصالحة مع الداخل والخارج، في محاولة منها لتعزيز صورتها كتنظيم معتدل لا علاقة له بالماضي المؤلم، ونسج علاقات سلمية مع دول الجوار والعالم.

 يقول قادة الحركة إنهم سيحترمون حقوق الإنسان، وسيعملون على تحقيق الوحدة الوطنية ولن يمارسوا عمليات انتقام ضد أحد، وعلى استعداد للحوار مع السلطة السابقة، ودعوا جميع الموظفين للبقاء في أماكن عملهم، “لأن أفغانستان تحتاج إلى جميع أبنائها”. وسمحوا للنساء بالاستمرار في وظائفهن، كما وجهوا رسائل إلى دول الجوار لتطمينها بأنها لن تتدخل في شؤونها ولن تشكل خطراً عليها، وتريد علاقات طبيعية معها، وهم يقصدون تحديداً روسيا والصين والهند وأوزبكستان وطاجيكستان وإيران، وهي دول تخشى من تمدد التنظيمات الإرهابية إلى أراضيها، كذلك أكدوا سعيهم لإقامة علاقات ودية مع دول العالم.

 هذه التوجهات الجديدة للحركة أن تعطي أملاً في قيام نظام جديد يمكن أفغانستان من ولوج مرحلة جديدة من الأمن والسلام، ويبعد عنها شبح الحرب الأهلية والصراعات الداخلية، ويفتح أمامها أبواب العالم، كي تكون جزءاً من المجتمع الدولي، عوضاً عن أن تكون دولة منبوذة، ومصدر خطر  دائم على الجوار والعالم.

 هذا كله يعطي “طالبان”، رغم وجودها في السلطة لأقل من أسبوعين، فرصة كي تقدم للعالم نموذجاً جديداً في الحكم يقوم على الشراكة السياسية مع كل القوى الأفغانية من دون إقصاء أحد لتحقيق الوحدة الوطنية، واحترام حقوق الإنسان، وتكريس التسامح والتخلي عن منطق الانتقام، والتعامل مع المواطنين من مختلف القوميات والقبائل والمذاهب بمنطق المواطنة، وعلى أساس أن الوطن للجميع، كي يتم اجتثاث الماضي وآثاره المريرة.

 العالم ينتظر من “طالبان” الكشف عن النظام السياسي الجديد لأفغانستان، وكيف ستقود البلاد في المرحلة المقبلة، كي يبنى على الشيء مقتضاه.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …