الرئيسية / مقالات رأي / الانهيار الأفغاني… هل يدفع بايدن الثّمن؟

الانهيار الأفغاني… هل يدفع بايدن الثّمن؟

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم- تنصبّ تعليقات المسؤولين وتحليلات المعلقين في الغرب، على الأسباب التي أدت إلى الانهيار السريع لحكومة كابول المدعومة من الأميركيين، بدءاً بالرئيس الأميركي جو بايدن الذي أقر بأنه لم يكن يتوقع أن يحدث الأمر بهذه السرعة، بينما ثبُت جسامة الخطأ الذي وقعت فيه أجهزة الاستخبارات الأميركية، وفي مقدمتها “السي. أي. إي”، لناحية تقدير الوقت الذي يمكن الحكومة الأفغانية الصمود فيه في مواجهة الهجوم الضاري لـ”طالبان” المستمر منذ الأول من أيار (مايو).  

كل تقديرات الاستخبارات والجيش الأميركي كانت تتحدث عن أن الانهيار حتمي بعد الفراغ من الانسحاب الأميركي المحدد في 31 آب (أغسطس) الجاري. لكن الخلاف كان على المدة التي سيستغرقها. أول الأمر، كان الحديث عن ستة أشهر، ثم تضاءلت التوقعات مع تساقط عواصم الولايات في الأسابيع الأخيرة، إلى ثلاثة أشهر، ثم إلى شهر، ليتبين أن الحكومة سقطت قبل إنجاز الانسحاب بأسبوعين، بينما لم تكن أميركا والدول الغربية قد أنجزت إجلاء رعاياها وأطقمها الدبلوماسية والأفغان الذين تعاونوا مع القوات الغربية في الأعوام العشرين الأخيرة. 

الفوضى التي سادت مطار كابول بعد ساعات من سقوط العاصمة الأفغانية في أيدي “طالبان”، وفرار الرئيس أشرف غاني ومساعديه إلى الخارج، كانت أسوأ بما لا يقاس من مشهد الإجلاء من فوق سطح السفارة الأميركية في سايغون عام 1975. هناك تشبث الناس بالمروحية وهنا تشبثوا بعجلات طائرة نقل عسكرية، يريدون الفرار من وجه الحكم الجديد.  

لحظة ذهول وصدمة خيّمتا على الولايات المتحدة والعالم الغربي. ولم تلبث سهام الانتقاد أن توجهت إلى بايدن، وخصوصاً من الجمهوريين، وفي طليعتهم الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبه مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو والرئيس السابق جورج دبليو بوش الذي غزا أفغانستان قبل عشرين عاماً إلا نيفاً. جمهوريون آخرون طالبوا بمساءلة الرئيس في الكونغرس بتهمة تسليم أفغانستان إلى “طالبان”. وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل لم يتأخر في الانضمام إلى جوقة المنتقدين. وباختصار، وجد الجمهوريون في أفغانستان، موضوعاً رئيسياً يعزز حملتهم لانتخابات منتصف الولاية العام المقبل، في الوقت الذي تراجع تأييد بايدن في استطلاعات الرأي إلى أدنى مستوياته منذ دخوله البيت الأبيض في 20 كانون الثاني (يناير).  

وإذا ما أضيفت تطورات أفغانستان إلى الارتفاع المتزايد في إصابات كورونا على مستوى الولايات المتحدة، تصير الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة إلى بايدن والحزب الديموقراطي في الفترة المقبلة.  

وفي الخارج، لا يظهر أقرب حلفاء الولايات المتحدة تسامحاً حيال الانهيار الأفغاني. ووصفت مجلة “بوليتيكو” الأميركية رد فعل المسؤولين الأوروبيين، بأنه “كان مزيجاً من عدم التصديق والشعور بالخيانة. حتى أولئك الذين رحبوا بانتخاب بايدن معتقدين أن في إمكانه تخفيف التوتر في العلاقة عبر الأطلسي، قالوا إنهم يعتبرون الانسحاب من أفغانستان بمثابة خطأ على مستوى تاريخي”.   

القادة البريطانيون والألمان هالهم الانهيار، لا سيما أن لندن وبرلين كانتا بعد الولايات المتحدة من أكثر الدول التي ساهمت في المهمة الأفغانية. وتالياً، كان وقع الصدمة عليهما أشد. وكنتيجة طبيعية لقرار الانسحاب الذي اتخذه بايدن من دون الرجوع إلى حلفائه في حلف شمال الأطلسي، سيترك تأثيراته في العلاقات الأميركية – الأوروبية، وسيزيد من حظوظ التفكير الجدي في طروحات تقدم بها قادة أوروبيون، من أمثال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من أجل تعزيز الأمن الأوروبي بعيداً عن الاعتماد الكلي على الولايات المتحدة.

لا شك بأن أفغانستان اليوم تعتبر درساً للكثير من الدول التي ستعيد حساباتها، ويساورها الشك أكثر بمدى التزام الولايات المتحدة بقضايا عالمية أخرى من الشرق الأوسط إلى آسيا.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …