بقلم: روزي دياز – صحيفة الشرق الأوسط
الشرق اليوم- اليوم هو اليوم العالمي للعمل الإنساني، وموضوع هذا العام هو التكلفة البشرية لتغير المناخ في جميع أنحاء الكوكب. غالباً ما نفكر في العواقب الإنسانية للنزاع والفقر، لكن تغير المناخ يمثل تهديداً مميتاً بنفس القدر للمجتمعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لقد أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريراً الأسبوع الماضي يمثل التقييم الأكثر شمولاً للمناخ حتى الآن، وكانت نتائجه صارخة؛ النشاط البشري يدمر كوكبنا بمعدل ينذر بالخطر. كما قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن “التقرير هو قراءة واقعية يمكننا من الفهم بشكل أفضل، ومن الواضح أن العقد المقبل سيكون محورياً لتأمين مستقبل كوكبنا. آمل أن يكون تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بمثابة دعوة للاستيقاظ للعالم لاتخاذ الخطوات اللازمة الآن، قبل أن نجتمع في غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) لحضور قمة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP26) الحاسمة”.
إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها العديد من المناظر الطبيعية الفريدة والجميلة والمتنوعة، من الصحارى إلى الجبال ومن البحار إلى الغابات. لقد أبهرني شعور السكينة في وادي رم وغابات الأرز الخضراء في لبنان وعظمة جبال الأطلس والسكون المهيب للبحر الميت. لكن هذا الجمال هش أيضاً، وتعاني أجزاء كثيرة من المنطقة من ظروف بيئية متدهورة تجعل المجتمعات عرضة لفقدان منازلهم وسبل عيشهم.
في السنوات الأخيرة، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيضانات شديدة وحرائق غابات وموجات حر قياسية وتساقط ثلوج في مناطق كانت دافئة سابقاً – وكل ذلك نتيجة لتغير المناخ. مثلاً شهدت كل من الكويت والعراق أعلى درجات حرارة على الإطلاق، بأكثر من 53 درجة مئوية. وفي الإسكندرية، ترتفع مستويات سطح البحر، الأمر الذي يهدد المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة. وسيتفاقم تأثير تغير المناخ على صحة وأمن سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إذا لم نتخذ إجراءات جماعية الآن.
لقد صدمت أيضاً عندما قرأت عن المسار المحتمل لتغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ بحلول عام 2025، سيتعرض 80 – 90 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لندرة المياه، وبحلول عام 2030 من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في الصيف في المنطقة أسرع مرتين من المتوسط العالمي. وبحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية، مع 200 يوم من الحرارة الشديدة كل عام. ومن دون اتخاذ إجراءات تحول دون ذلك، قد تصبح العديد من المدن في المنطقة غير صالحة للسكن قبل عام 2100.
لكن الوقت لم يفت. تقود حكومة المملكة المتحدة الجهود لوقف تغير المناخ من خلال العمل مع شركائنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتمويل المشاريع المحلية التي تعالج تحديات المناخ في المنطقة. وفي نوفمبر من هذا العام، ستستضيف المملكة المتحدة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP26) وستجمع ما يقرب من 200 حكومة من جميع أنحاء العالم للاتفاق على كيفية معالجة التهديد الملح لتغير المناخ. نحن نسعى لتحقيق أربعة أهداف من خلال القمة هي: أولاً، تأمين صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول منتصف القرن لوقف ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما يتجاوز 1.5 درجة مئوية؛ ثانياً، التكيف بشكل عاجل لحماية المجتمعات والموائل؛ ثالثاً، جمع 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ للبلدان النامية. رابعاً، العمل مع الحكومات والشركات والمجتمع المدني لتسريع العمل المناخي معاً.
إنني أحث القادة الذين سوف يوجدون في قمة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP26) على الوفاء بالالتزامات الجادة اللازمة لوقف أزمة المناخ. غالباً ما نفكر في تغير المناخ على أنه مشكلة للأجيال القادمة لكن التغييرات البيئية التي تحدث بالفعل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُظهر لماذا يجب على الحكومات والأفراد اتخاذ إجراءات صارمة الآن لحماية المنازل والموائل التي عاش فيها الناس في هذه المنطقة منذ بداية التاريخ.