الرئيسية / مقالات رأي / أفغانستان.. مرحلة جديدة

أفغانستان.. مرحلة جديدة

الشرق اليوم- كان سقوط العاصمة الأفغانية، كابول، بيد حركة “طالبان” بهذه السرعة، صادماً ومفاجئاً، على الرغم من أنه كان متوقعاً؛ إذ كانت كل المعطيات تشير إلى أن الجيش الأفغاني، يستطيع الصمود لستة أشهر على أقل تقدير، ويمكنه استرداد مناطق كانت “طالبان” قد استولت عليها خلال الأشهر القليلة الماضية، إذا ما أحسن إدارة المعركة، ووضع الخطط القابلة للتطبيق.

 هكذا كانت تقديرات القيادة العسكرية الأمريكية والأطلسية، بعد قرار الانسحاب من أفغانستان، لكن ما حصل خلال الأسابيع القليلة الماضية من اندفاع “طالبان” العسكري، واحتلال معظم الولايات في البلاد، والتقدم نحو كابول، أربك حسابات القيادات العسكرية الغربية، ووضعها أمام واقع جديد، تمثل بسقوط مفاجئ للعاصمة، وفرار الرئيس أشرف غني، وانهيار الجيش، وإغلاق السفارات الأجنبية، وإجلاء معظم الدبلوماسيين الأجانب، ومسارعة الولايات المتحدة إلى ترحيل رعاياها ودبلوماسييها بالمروحيات، إضافة إلى حالة الرعب التي استبدت بالمواطنين، خوفاً من الانتقام؛ وكان جلياً خلو الشوارع من النساء، خوفاً على حياتهن.

 السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا هذا الانهيار السريع للجيش الأفغاني وعدم صموده أمام “طالبان”، مع العلم أن عديده يزيد على 350 ألف جندي، وهو مجهز بأسلحة حديثة، في حين أن عديد مقاتلي “طالبان” لا يتجاوز 80 ألفاً، ولا يمتلكون أسلحة متطورة أو دبابات وطائرات مثل الجيش الأفغاني؟

 هناك أسباب عدة لهذا الانهيار المتسارع، فالجيش الأفغاني كان يعتمد بشكل أساسي على دعم القوات الأطلسية في عملياته العسكرية وتدريبه وتسليحه، لكنه كان يفتقد إلى العقيدة العسكرية، ويعاني عدم انضباط، إضافة إلى الولاء القبلي.

 وكان المفتش العام الأمريكي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان جون سكوبو حذر في تقرير له نشر في يوليو/تموز الماضي، من أن الحكومة الأفغانية “تواجه أزمة وجودية، وأن الجيش الأفغاني يعاني فساداً”، وأشار إلى اختفاء أكثر من نصف كميات الوقود، ومن دون محروقات لا يمكن للجيش الأفغاني أن يحارب. أضاف: “كما أن سلاح الجو يعاني مشاكل على صعيد الصيانة والتجهيزات، بعد رحيل الخبراء الأجانب”. وهذا يعني أن المليارات التي صرفت على الجيش الأفغاني ذهبت سدى.

 في الجهة المقابلة، فإن مقاتلي “طالبان” لا يمتلكون أسلحة حديثة إلا أنهم يمتلكون عقيدة قتالية، ودوافع أيديولوجية دينية وبنية تنظيمية عالية، وإصراراً على تحقيق هدف، يعدّونه واجباً مقدساً، على الرغم من مضامينه العنفية .

 المهم أن أفغانستان جديدة تتشكل على مقاس تنظيم له ماضٍ معروف في العنف، قد يتحول خلال أيام إلى نظام قائم يحمل مسمى “إمارة أفغانستان الإسلامية” مع “حكومة إسلامية نقية” حسب توصيف زعيم الحركة؛ أو قد تتحول إلى كابوس يقض مضاجع جيرانها ودول العالم؛ خصوصاً إذا ما تحولت إلى ملاذ وحاضنة لكل الإرهابيين الذين ينشرون الموت والدمار في مختلف بقاع الأرض.

 أي أن العالم يجب أن يستعد لمرحلة جديدة، يستيقظ فيها فكر “طالبان” مجدداً بعد إقامة “إمارة” يحكمها، وهوية دينية يسعى لنشرها.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …