بقلم: أندرو فاينبيرغ – اندبندنت العربية
الشرق اليوم- يرغب الرئيس الأمريكي جو بايدن تجنب المواجهة مع سلفه مخافة تقويض الأخير صدقية وزارة العدل وغيرها من الأركان الدستورية (أ ب) .
أدلة جديد كشف عنها (أخيراً) تظهر كيف سعى الرئيس السابق دونالد ترامب وأحد كبار موظفي وزارة العدل إلى استخدام أعلى هيئة لإنفاذ القانون في البلاد لتدعيم أكاذيبهم بشكل صارخ حيال انتخابات 2020، ويشير ذلك إلى لحظات غير مريحة تنتظر مستقبل إدارة بايدن، بحسب أخصائيين ومصادر مطلعة من داخل (أروقة صنع القرار الأمريكي).
فبحسب وثائق نشرتها لجنة مجلس النواب لشؤون الرقابة والإصلاح في نهاية الشهر الماضي، سعى ترامب إلى قلب نتائج خسارته أمام منافسه وهو اليوم الرئيس جو بايدن عبر إقناع موظفين كبار في وزارة العدل بإعلان (أمام الملأ)، أن انتخابات عام 2020 كانت فاسدة (مزورة). هذا الجهد كان ليمنح حلفاء ترامب في الكونغرس سبباً للتصويت ضد المصادقة على فوز بايدن.
القائم بأعمال المدعي العام السابق جيفري روزين Jeffrey Rosen قال أخيراً أيضاً لأعضاء لجنة العدل في مجلس الشيوخ ومحققي مكتب المفتش العام في وزارة العدل أن أحد نوابه السابقين، جيفري كلارك Jeffrey Clark، كان يخطط بشكل استراتيجي مع ترامب حول سبل استخدام (استغلال) وزارة العدل DOJ لصالحهما. الخطة كان تنص على تشجيع الهيئات التشريعية في الولايات الحاسمة battleground state (التي تشهد منافسة قوية بين الديمقراطيين والجمهوريين) إلى تجاهل نتائج فرز أصوات الناخبين، وإرسال أصوات المجمع الانتخابي المؤيدة لترامب لتحتسب ضمن نتائج العد بدلاً من النتائج الحقيقية، بحسب روزين.
كلارك، وكان حينه يشغل منصب مساعد النائب العام بالوكالة لشؤون القسم المدني في وزارة العدل، دفع بحسب تقارير روزين ونائبه بالوكالة أج ريتشارد دوناهيو AG Richard Donohue للإعلان عن إطلاق تحقيقات في ادعاءات عن عمليات تزوير انتخابية غير موجودة، كانت إدارة وزارة العدل قد نظرت فيها ورفضت اعتمادها.
الخطوات التي اتخذها ترامب ووزارة العدل في الأيام التي تلت، بين (إعلان) خسارته لصالح بايدن، والانتفاضة في السادس من يناير (كانون الثاني) في مبنى الكابيتول الأمريكي، هي حالياً مدار عدد من التحقيقات. هذه التحقيقات تتولى تنفيذها مجموعة من اللجان البرلمانية في الكونغرس، من بينها لجنة خاصة في مجلس النواب الأميركي، وهيئة الرقابة الداخلية في وزارة العدل.
حتى الآن تركت التحقيقات إدارة بايدن والمدعي العام الأمريكي، ميريك غارلاند، خارج نطاق عمل التحقيقات (بإساءات) الرئيس الذي سبق بايدن. لكن معلومات جديدة ظهرت أقلقت بعض العاملين في الإدارة (الحالية)، أن هذه (المعطيات الجديدة) لن تسمح لبايدن أو غارلاند بالبقاء بعيداً من المواجهة.
“على الرغم من كل الغضب الذي اعتراه حيال ما جرى في السادس من يناير، وما سبق ذلك من أحداث، كان (بايدن) ليفضل أن لا يكون أول رئيس أمريكي يرى سلفه في قفص المحكمة”، كما يقول شخص يجتمع باستمرار مع كبار المسؤولين في الإدارة الحالية، لمناقشة مواضيع مختلفة. “لكن هناك إدراك ينمو (بين كبار الموظفين) أنه كلما كُشف مزيد من المعلومات، كلما زادت تلك الاحتمالات”.
حتى الآن، فضل بايدن عدم التعليق على مواضيع يعتقد أنها تقع ضمن دائرة اختصاص المدعي العام غارلاند، خصوصاً تلك التي تتعلق باحتمالية فتح تحقيقات جنائية. تماماً كما لم يسع غارلاند للقيام بأي خطوة علنية من شأنها أن تفسر وكأنها استهداف للرئيس السابق مباشرة.
ذلك التحفظ كان خياراً متعمداً من قبل الرجلين، بحسب قول المصادر، ذلك الخيار ينبع من رغبة لإعادة إرساء عدد من الأعراف التي كان ترامب قد أطاح بها وتتناول الحفاظ على علاقة غير لصيقة بين وزارة العدل والبيت الأبيض التي بقيت كذلك منذ عهد إدارة (الرئيس) فورد. لكن مصادر مقربة تقول، إن التحقيقات الجارية قد تفرض على الرجلين استبعاد هذا الخيار.
نائب المدعي العام سابقاً دونالد أيير Donald Ayer، الذي كان صوتاً ناقداً لوزارة العدل في عهد ترمب قال في مقابلة أجريت عبر الهاتف أخيراً، “بدأنا نلاحظ تكدساً لأدلة لا يمكن نكرانها بخصوص انتهاكات خطيرة، وتصرفات كنا في السابق نعلم أنها قد وقعت، لكننا لم نكن نملك أدلة تستند إلى شهادات (لأشخاص على علاقة) مباشرة بها”.
أيير Ayer ، الذي شغل منصب الرجل الثاني في وزارة عدل ولاية ماين Main من 1989 إلى 1990، مال إلى الاعتقاد أنه في الغالب سيكون هناك عدد من مسؤولي إدارة ترامب السابقين الذين “لن يرغبوا في البقاء على الجانب الخاطئ للتطورات التاريخية”. وقد “ينتهي بهم الأمر في آخر المطاف إلى تقديم معلومات موثقة حقيقية يمكن الاستناد إليها في المحكمة”.
“عندما تصبح الحقائق أكثر وضوحاً مما هي عليه حالياً، بخصوص ما جرى تحديداً، سيكون هناك سؤال صعب تشكل الإجابة عنه تحدياً، وأعتقد أننا لن نعرف (تلك الإجابة) إلا حين وصولنا إلى تلك المرحلة،” بحسب قوله.
أحد أعضاء الكونغرس مكلف التحقيق بما جرى في السادس من يناير، وهو عضو مجلس النواب جايمي راسكين Jamie Raskin، اعتبر المعلومات الجديدة بخصوص خطط كلارك وترامب بأنها تشير بشدة إلى عمل جنائي”.
“الحقائق التي اطلعنا عليها تشير إلى نوايا فاسدة (تخريبية) للتدخل في الانتخابات الفدرالية”. بحسب ما يقول راسكين، وهو عضو في لجنتي مجلس النواب للعدل والرقابة، إضافة إلى كونه عضو لجنة الكونغرس الخاصة التي تحقق بحادث الهجوم على الكابيتول.
ويضيف النائب الديمقراطي عن ولاية ميريلاند، ومدير محاكمة عزل الرئيس السابق، أن ترامب ثبت نفسه “عدواً للنظام الدستوري الأمريكي”. وذهب إلى أن الفشل في اتخاذ الخطوات لمحاسبته وحلفائه سيكون بمثابة “ترخيص لاعتداءات مباشرة على نظامنا الدستوري”، وقد يعد تفويضاً لترامب كي يحاول مرة أخرى”.
ولكن القرار حيال ما نفعله بالأدلة التي استخرجتها التحقيقات حول ما جرى في 6 يناير، وما هي الأسباب التي أدت إليها، ستعود للمدعي العام والمدعي العام وحده.
أيير Ayer، الموظف المخضرم في وزارة العدل كان قد لاحظ أن تصرفات الإدارة السابقة التي كان هو وآخرين قد انتقدوها واعتبروا أنها عكفت على استخدام وزارة العدل كسلاح ضد أهداف سياسية، يطرح تحدياً خطيراً أمام الإدارة الجديدة التي تولي الأولوية لكي لا يبدو عملها مسيساً عندما يتعلق الأمر بوزارة العدل.
“لكن إذاً، واستناداً إلى الكذب المرضي الذي عرف عن إدارة ترامب، وانسلاخ كثيرين من مؤيديه الكامل عن الواقع، هناك خطر حقيقي أن يقتنع ملايين الأمريكيين أن أي استهداف (قضائي لترامب) تدفعه غايات سياسية”، بحسب قوله. “لا أعتقد أننا نريد ثلث … عدد السكان أن يعتقدوا فعلاً أن وزارة العدل الأمريكية تعمل من أجل النيل من دونالد ترامب بشكل غير عادل من أجل انتهاكات لم يرتكبها. وأعتقد أن تجنب الإيحاء بذلك مهم… لكنني أعتقد أيضاً أن الطريق الذي نسلكه حالياً، وفيما تبدأ الحقائق بالظهور بشكل أكثر وضوحاً، ستكون في نهاية المطاف أكثر ظهوراً بشكل لا يمكن نكرانه”، يكمل أيير. سيجد (وزير العدل الأمريكي) ميريك غارلاند نفسه حينها في موقف صعب، لكنه مؤهل وبشكل خاص لاتخاذ القرار الفصل حول كيفية تحقيق المحاسبة، فيما يتلافى أي ادعاءات ذات مصداقية بتسيس القضية”.