الرئيسية / مقالات رأي / الحزم لدحر “كورونا”

الحزم لدحر “كورونا”

الشرق اليوم- يبدو أن الصين، التي انطلق منها فيروس “كورونا” في رحلته الفتاكة حول العالم، قد أصيبت بالفزع من وصول المتحور “دلتا” إلى أراضيها، فأخضعت مدينة ووهان لفحص جماعي طال 11 مليون شخص هم مجموع سكان المدينة التي شهدت أول ظهور للوباء قبل نحو 20 شهراً. لم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، بل شملت إقالة 30 مسؤولاً في مدينة نانجينج لفشلهم في احتواء أحدث موجة عدوى.

ربما يرى البعض أن الإجراءات الصينية مع حصيلة إصابات لم تتجاوز العشرات ومن دون وفيات مبالغ فيها، لكن الحزم مطلوب وتشديد إجراءات الوقاية أكثر من ضرورة لدحر وباء خبيث يحاول التمرد على التدابير واللقاحات المضادة بمتحوراته الخطيرة وانتشاره السريع، ولأن الوقاية خير من العلاج، قد يكون الإجراء الصيني نموذجاً في التصدي الفعال للوباء للحفاظ على المكاسب النسبية، التي تحققت في أشهر عصيبة، شهدت فيها البشرية أحوالاً غير مسبوقة من العزل الجماعي وحظر السفر ووقف آليات الإنتاج وتعطيل العلاقات بين الدول والمؤسسات، وقد أفضى ذلك كله إلى أزمة اقتصادية وضعت مئات الملايين بين مخالب الفقر والبطالة، وأفرزت ظواهر اجتماعية خطرة تهدد الأمم والشعوب لسنوات.

وضع العالم اليوم أفضل مما كان قبل عام حين كانت الجائحة في ذروتها، ورغم تجاوز ال 200 مليون إصابة و4 ملايين وفاة، بدأت النتائج الإيجابية تتوالى بفعل تضحيات جسيمة تكبدتها الدول وبفضل اللقاحات المتوالية التي ساهمت بقوة في الحد من الوباء، وبعد الاختبارات والتجريب والتنفيذ بات التطعيم هو السبيل الوحيد للنجاة من هول “كورونا” ومتحوراته، وأصبحت دول عدة، في مقدمتها الإمارات، تستعيد تدريجياً نسق الحياة، كما كان قبل الجائحة، بفعل استراتيجيات الوقاية والتطعيم والإجراءات الصارمة لحرمان الفيروس من فرص الانتشار مجدداً وتهديد الصحة العامة.

التحرر من “كورونا” ومتحوراته لن يتحقق حتى تعم التطعيمات سكان المعمورة ويضعف الفيروس ويصبح مرضاً عادياً، وإلى أن يتحقق ذلك لا بد من الحزم مع أي إخلال أو شبهة تتعلق بهذا الوباء، فأي انتكاسة غير محسوبة سينجم عنها ضياع المنجزات الصحية التي ما زالت في بدايتها بالنظر إلى بطء حملات التلقيح عالمياً. والدرس الذي يجب تعلّمه من جائحة “كورونا” هو التعاون وعدم الاستهانة أو الاستخفاف بأي فيروس أو متحور في أي مكان. والصين، التي بدأ الوباء في أراضيها، ضربت المثل في الحزم منذ البداية، ولذلك ظلت أقل دول العالم خسائر رغم مساحتها الكبيرة وتعداد سكانها الضخم.

تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن العالم قد يخسر نحو 15 تريليون دولار بسبب كورونا حتى 2024، وهذا الحجم من الخسائر أفدح من أي كارثة شهدتها البشرية بما في ذلك الحربان العالميتان الأولى والثانية، ولحفظ الموارد المهدورة يهون كل شيء، والحرب على “كورونا” لا تختلف عن أي حرب، لكنها لا ترضى بغير النصر.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …