بقلم: سارة وايت
الشرق اليوم- اجتمعت زعيمة المعارضة البيلاروسية، سفياتلانا تسيخانوسكايا، مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في 19 يوليو، وقد وصفت تلك المحادثة بينهما بالودية والدافئة، وهي تنذر برأيها باتخاذ خطوات أمريكية مؤثرة تجاه بيلاروسيا في المستقبل القريب، إذ يُعتبر بلينكن أعلى مسؤول أميركي يقابل تسيخانوسكايا، ويشكّل هذا اللقاء أوضح مؤشر على دعم واشنطن لها ضد رئيس بيلاروسيا المستبد، ألكسندر لوكاشينكو، الذي يحظى بدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
قد يكون دعم المعارضة في بيلاروسيا جزءاً بسيطاً من مؤشرات تغيّر التوازن الاستراتيجي في شرق أوروبا، حيث تبلغ تسيخانوسكايا 38 عاماً وكان لوكاشينكو في السلطة خلال معظم فترات حياتها، وبعد الترشّح ضده في الانتخابات الرئاسية البيلاروسية لعام 2020، اضطرت تسيخانوسكايا للذهاب إلى المنفى في ليتوانيا، وتتزامن اجتماعاتها الأخيرة مع بلينكن ومسؤولين آخرين مع نزعة لوكاشينكو إلى تصعيد هجومه ضد وسائل الإعلام المستقلة ومنظمات حقوق الإنسان في بيلاروسيا، فقد اعتُقِل زوجها، وهو ناشط مؤيد للديموقراطية وصاحب مدوّنة، منذ بداية حملة ترشّحها للرئاسة.
وإذا قررت واشنطن التحرك في المستقبل القريب، فمن المتوقع أن تبدأ بتطبيق نظام عقوبات جديد، فقد سبق أن تعرضت بيلاروسيا للعقوبات نتيجة إقدام لوكاشينكو على سرقة انتخابات عام 2020، لكن أعلنت تسيخانوسكايا أن تلك العقوبات “لم تستهدف النظام” بل إنها غير فاعلة، وبما أن دعم الحكومة الأمريكية للمعارضة والمجتمع المدني في بيلاروسيا أصبح علنياً أمام بقية دول العالم، بات تغيّر التوازن الاستراتيجي في شرق الناتو ممكناً.
بدأت التداعيات تظهر في مينسك منذ الآن، فقد منعت حكومة لوكاشينكو منح تأشيرة إلى جولي فيشر، السفيرة التي عيّنها بايدن في بيلاروسيا، لكنّ العامل الوحيد غير القابل للتغيير هو إيقاع حشد الدفاعات في أوروبا الشرقية استعداداً لهجوم تقليدي من روسيا. تحرص دفاعات “الناتو” في أوروبا الشرقية على تحسين جهوزيتها مقارنةً بالسنوات السابقة، وقد كشف قرار روسيا ضم شبه جزيرة القرم في 2014 مدى ضعف دول الناتو في الخطوط الأمامية ما لم تحصل على أحدث الأنظمة الدفاعية لاستعمالها كأداة ردع.
تلاشت المواقف حول قدرة الناتو على التصدي لأي هجوم تقليدي من روسيا بعد الإعلان رسمياً عن شراء وارسو دبابة “أبرامز” من الولايات المتحدة، إذ ستصبح الترسانة الجديدة المؤلفة من 250 دبابة بديلة عن نصف المركبات السوفياتية الصنع في بولندا وعددها 500، كذلك، يقال إن بولندا تتجه إلى تجديد جهودها للمشاركة في تحالف “دبابات القتال الرئيسة” بقيادة فرنسا وألمانيا بعدما أُقصِيت منه بدءاً من عام 2020.
على صعيد آخر، اشترت بولندا الطائرة المقاتلة “إف 35” ونظام الدفاع الجوي “باتريوت” من الولايات المتحدة، وتُعتبر تلك الطائرة أساسية للدفاع الأوروبي نظراً إلى قدرتها على جمع معلومات استخبارية أكثر من الطائرات التكتيكية الأخرى تزامناً مع بقائها غير مرئية أمام الرادار الروسي.
إذا أصبحت الولايات المتحدة أكثر تورطاً في حملات الديموقراطية في بيلاروسيا، فلا مفر من التساؤل عن ردة فعل مينسك أو موسكو واحتمال أن يتطلب الوضع أكثر من مجرّد عقوبات، لكن بغض النظر عن تأثير التغيرات الحاصلة في الاستراتيجية الدبلوماسية على النطاق الدفاعي، يجب أن تصبح الولايات المتحدة وقوات الناتو أكثر استعداداً من أي وقت مضى للتصدي للاعتداءات الروسية التي يسمح بها تسلل موسكو إلى عالم السياسة في بيلاروسيا.
بالاتفاق مع صحيفة الجريدة