بقلم: إبراهيم الهاشمي – الخليج الإماراتية
الشرق اليوم- هل المنظومة العالمية في شكلها الحالي المنضوي تحت ظل المنظمة العالمية (الأمم المتحدة)، إنسانية تعمل على السلم والأمن العالمي، وتحفظ حقوق الإنسان، وتطالب بالعدل والمساواة بين الدول؟ أم هي منظومة لا ترعى سوى مصالح الدول الكبرى التي عملت على إنشائها بعد الحرب العالمية الثانية، وانهيار المنظومة القديمة (عصبة الأمم)، وكان هدفها الرئيسي الحفاظ على السلام العالمي ومنع الحروب؟
ما استفزني ودعاني إلى حديث الأمن والاستقرار العالمي، وتعزيز التنمية المستدامة بين الدول وحماية حقوق الإنسان، ما يجري في العالم من حولنا وتمارسه الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة في تلك المنظمة، وينسف كل الأعراف والقوانين الإنسانية، وتحديداً ما قامت من أجله الأمم المتحدة ذاتها. فلو نظرنا إلى أفغانستان – مثالاً – ومأساتها المستمرة منذ أواخر السبعينات، لوجدنا الفشل الذريع الذي صاحب الأمم المتحدة في حل مشكلاتها، خصوصاً مع التدخل الأمريكي الذي جلب تدخل دول أخرى أيضاً، مثل بريطانيا وفرنسا وحلف الناتو وتركيا، دون طائل يدل على انفراج أزمتها وعودة الحياة الطبيعية لها، وهو الأمر نفسه الذي يعيشه العراق في ظل وجود قوات أمريكية وبريطانية وألمانية وفرنسية وإيرانية وتركية، بل إن كل الدلائل تشير إلى تدهور مستمر لم تفلح كل تلك التدخلات والوعود بالأمن والاستقرار والرفاه والديمقراطية في جلبه. والوضع نفسه ينطبق على سوريا، حيث توجد على أرضها قوات أمريكية وروسية وفرنسية وإيرانية وتركية، كل منها تدّعي سعيها لحفظ الأمن والسلم الاجتماعي وإعادة الأمور إلى طبيعتها.. ولا تختلف الحال في ليبيا، حيث توجد على أرضها قوات روسية وأمريكية وتركية وفرنسية وحلف شمال الأطلسي.
كل تلك التدخلات لم تجلب سوى الدمار والتشظي والمسّ بالأمن والاستقرار والسيادة الوطنية لتلك الدول، بل لقد جلبت لها من المصائب والدمار ما لا يحصى، سواء بقيام الميليشيات المتعددة، ذات الصبغات الطائفية أو المرتزقة، على الرغم من الطابع المشترك في تلك التدخلات، لدول ذات عضوية دائمة في الأمم المتحدة، ما يؤكد أن تدخلاتها لم تكن إلا لمصالح ذاتية تماماً، لا ترتبط بتاتاً بالسلم والأمن والعدالة والاستقرار الدولي كما تروج، بل تضربه في عمقه وتدمر تلك الدول بشكل أو آخر، وتبقيها رهينة لعدم الاستقرار والإرهاب المستمر على أيدي دول العضوية الدائمة ومن تبعها من الطامعين، عبر ما صنعته من حلفاء مرتزقة يرتهنون لها ولقراراتها في التخريب والتدمير والإرهاب.
الأمم المتحدة بدولها صاحبة العضوية الدائمة تحيل نفسها إلى منظمة فاشلة لا حول لها ولا قوة، سوى إعطاء غطاء التصرفات الرعناء لتلك الدول وانتهاكاتها المستمرة للأمن والسلم العالميين في كثير من دول العالم.
ترى.. متى يستيقظ العالم، وتتوحد جهوده نحو عدالة تشمل الجميع، واستقرار وأمن لكل دوله وأعضائه، ليعيش كوكبنا في سلم وأمان، ويقدم منظمة دولية لا تحابي أحداً، تقوم قولاً وفعلاً على العدل والمساواة والسلام؟