الشرق اليوم- طوّر باحثون من ألمانيا أجساماً مضادة صغيرة تعمل بكفاءة على منع فيروس “كورونا المستجد” ومتغيراته الجديدة الخطيرة، حيث تعمل هذه “الأجسام النانوية المزعومة” على ربط الفيروس وتحييده بما يصل إلى 1000 مرة أفضل من الأجسام المضادة المصغرة التي تم تطويرها سابقاً. وتم الإعلان عن هذا الإنجاز في العدد الأخير من دورية إمبو (EMBO). بالإضافة إلى ذلك، قام العلماء بتحسين أجسامهم المضادة المصغرة من أجل الاستقرار ومقاومة الحرارة الشديدة، وهذا المزيج الفريد يجعلهم قريبين من تطوير منتج واعد لعلاج “كوفيد – 19″، نظراً لأنه يمكن إنتاج “الأجسام النانوية” بتكاليف منخفضة وبكميات كبيرة، ويتم حالياً التحضير للتجارب السريرية.
وتساعد الأجسام المضادة جهاز المناعة على درء مسببات الأمراض، حيث ترتبط بالفيروسات وتبطل مفعولها حتى لا تتمكن من إصابة الخلايا بعد الآن، ويمكن أيضاً إنتاج الأجسام المضادة صناعياً وإعطاؤها للمرضى المصابين بأمراض حادة، ثم يفعلون مثل الأدوية، ويخففون الأعراض ويقصرون التعافي من المرض، وهذه ممارسة راسخة لعلاج التهاب الكبد “بي” وداء الكلب، وتستخدم الأجسام المضادة أيضاً في علاج مرضى “كوفيد– 19”. ومع ذلك، فإن إنتاج هذه الجزيئات على نطاق صناعي أمر معقد ومكلف للغاية لتلبية الطلب العالمي، ويمكن للأجسام النانوية حل هذه المشكلة.
وطوّر العلماء في معهد “ماكس بلانك” للكيمياء الفيزيائية الحيوية في غوتنغن (ألمانيا) والمركز الطبي الجامعي غوتنغن أجساماً مضادة صغيرة تُعرف باسم “الأجسام المضادة النانوية”، التي تجمع بين الاستقرار الشديد والفاعلية البارزة ضد الفيروس وطفراته “ألفا”، و”بيتا”، و”دلتا”، و”غاما”.
وقال ماتياس دوبيلشتاين، الأستاذ بالمركز الطبي الجامعي بغوتنغن في تقرير نشره معهد ماكس بلانك للكيمياء الفيزيائية الحيوية في 28 يوليو (تموز): إن “(الأجسام النانوية) الجديدة التي أنتجناها لا تختلف كثيرا عن الأجسام التي طورتها مختبرات أخرى، فكلها موجهة ضد جزء مهم من طفرات الفيروس التاجي، وهو مجال ربط المستقبلات الذي يسمح للفيروس بغزو الخلايا المضيفة، وتحجب (الأجسام النانوية) مجال الارتباط هذا، وبالتالي تمنع الفيروس من إصابة الخلايا”. ويوضح دوبيلشتاين أن “أجسامنا النانوية يمكن أن تتحمل درجات حرارة تصل إلى 95 درجة مئوية دون أن تفقد وظيفتها أو تشكل تكتلات، وتظل نشطة في الجسم لفترة كافية لتكون فعّالة، ومن ناحية أخرى، من الأسهل إنتاج ومعالجة وتخزين (الأجسام النانوية) المقاومة للحرارة”.
وأبسط الأجسام المضادة الصغيرة التي طورها فريق غوتنغن ترتبط بالفعل ببروتين “سبايك” الفيروسي بقوة تصل إلى 1000 مرة أكثر من الأجسام النانوية التي تم الإبلاغ عنها سابقاً، كما أنها ترتبط جيداً بمجالات الارتباط بالمستقبلات في سلالات “ألفا”، و”بيتا”، و”دلتا” و”غاما”.
ويؤكد دوبيلشتاين: “من المحتمل أن تكون أجسامنا النانوية المفردة مناسبة للاستنشاق، وبالتالي لتحييد الفيروس المباشر في الجهاز التنفسي، وبالإضافة إلى ذلك، نظراً لأنها صغيرة جداً، يمكنها اختراق الأنسجة بسهولة ومنع الفيروس من الانتشار بشكل أكبر في موقع الإصابة”. وإذا كانت الأجسام المضادة النانوية المفردة يمكنها فعل ذلك، فيمكن لـ”ثالوث الأجسام النانوية” تحسين الارتباط، حيث قام الباحثون بتجميع ثلاثة أجسام نانوية متطابقة وفقاً لتماثل بروتين “سبايك”، الذي يتكون من ثلاث كتل بناء متطابقة مع ثلاثة مجالات ربط.
ويقول توماس غوتلر، الباحث المشارك بالدراسة: “مع ثالوث الأجسام النانوية، نجمع قواها حرفياً، حيث يرتبط كل من (الأجسام النانوية) الثلاثة بواحد من مجالات الربط الثلاثة، وهذا يخلق رابطة لا رجوع فيها تقريباً، حيث يبطل مفعول الفيروس حتى 30 ألف ضعف أفضل من الأجسام النانوية المفردة، وهناك ميزة أخرى، وهي أنه من المتوقع أن يؤدي الحجم الأكبر للثلاثي النانوي إلى تأخير الإفراز الكلوي، وهذا يبقيها في الجسم لفترة أطول ويعد بتأثير علاجي طويل الأمد”.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط