بقلم: رندة تقي الدين – النهار العربي
الشرق اليوم- قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من الكويت، إن “المفاوضات مع إيران حول الملف النووي لا يمكن أن تدوم الى الأبد”، مشيراً إلى أن على طهران أن تتقدم نحو حل الملف. يعكس كلام بلينكن استياءً أميركياً من مماطلة الجانب الإيراني في المفاوضات من أجل الحصول على المزيد من التنازلات من الأمريكيين. وأفادت معلومات موثوقة بأن إدارة الرئيس جو بايدن قدمت تنازلات كبرى للتوصل الى حل مع الجانب الإيراني حول الملف النووي وهي تنتظر تسلم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي وتشكيل فريقه لاستئناف المفاوضات التي ما زالت غير مباشرة بين البلدين والتي قد تطول نظراً للعادة الإيرانية بالتفاوض على طريقة البازار من أجل الحصول على أكثر ما يمكن من تنازلات لرفع العقوبات الكاملة.
إدارة الرئيس بايدن مستعجلة للعودة الى الاتفاق الإيراني ولكن ليس بطريقة هرولة إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي كان يطمح الى إعادة العلاقات الدبلوماسية كلياً مع إيران. فبايدن أكثر حذراً كونه متنبهاً لضغوط الحزب الجمهوري الذي ما زال تحت سيطرة الرئيس السابق دونالد ترامب وهذا الأخير قد أخرج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وبقي يحرك صفوف الحزب الجمهوري ضد تنازلات فريق بايدن في هذا الملف.
إيران بحاجة الى العودة الى الاتفاق كي تتمكن من إعادة بيع نفطها في السوق العالمية الذي ما زال غائباً عن الأسواق بسبب العقوبات. وفور العودة إلى الاتفاق يمكن للأوروبيين والدول الأخرى شراء النفط الإيراني مجدداً، كما أن الشركات الأوروبية باستطاعتها أن تستثمر في قطاعي النفط والغاز في إيران. ونظراً لعدم وضوح موقف ابراهيم رئيسي من العودة الى الالتزامات الإيرانية في اطار الملف النووي الإيراني قد تتشدد واشنطن إزاء مشتريات الصين من النفط الإيراني، فبكين هي أكبر مستورد له وتشتري حوالى نصف مليون برميل في اليوم وهي اشترت مليون برميل في اليوم في شهر أيار (مايو) الماضي.
اللافت أيضاً افتتاح إيران مرفأ تصديرياً جديداً للنفط في Jask على بحر العرب بقدرة تصديرية تبلغ 300 ألف برميل في اليوم وبكلفة ملياري دولار من أجل تصدير النفط وتجنب عبور مضيق هرمز والتمكن من الالتفاف على الحظر الأمريكي وتجنيب الناقلات المحملة بالنفط الإيراني التعرض للبحرية الأمريكية في مضيق هرمز وهو المعبر الرئيسي لمعظم نفط الشرق الأوسطي الى العالم. وقد وصف وزير النفط الإيراني بيجان زنغنة هذا المشروع أنه صورة عن انهيار العقوبات ضد إيران.
واقع الحال أن النظام الإيراني رغم العقوبات مستمر في هدر أموال النفط الذي ينجح في بيعه بالتهريب لجهات تنتهك العقوبات الأمريكية مثل الصين وغيرها من الدول الآسيوية. وذلك ليس لصالح الشعب الإيراني الذي يعاني من ظروف معيشية صعبة، بل لدعم وكلاء إيران ومنهم “حزب الله” في لبنان و”الحوثيين” في اليمن وبشار الأسد وجماعته في سوريا. إن وكلاء إيران في سوريا من “حزب الله” وجماعات الأفغان وغيرهم تم دمجهم بالشعب السوري ما جعل التأثير الإيراني في الأرض السورية أقوى من الروسي لأن إيران على الأرض في سوريا في حين أن روسيا تمتلك قوة جوية وعسكرية. النظام الإيراني يفضل الهيمنة على المنطقة في سوريا ولبنان والعراق، في حين أنه يظهر غير معني بتظاهرات شعبه المستاء من ظروفه الصعبة ويعاني من التضخم والبطالة والفقر المتزايد.
ويراهن المسوؤلون الإيرانيون على أن حاجة الولايات المتحدة للعودة سريعاً الى الاتفاق لأنها أدركت أن إيران أقتربت من التوصل الى إنتاج السلاح النووي خلال الفترة التي انسحبت فيها إدارة دونالد ترامب من الاتفاق. لذا يتشدد الجانب الإيراني في فرض الشروط ويطالب برفع كل العقوبات مع طلب ضمانات أن أي تغيير مستقبلي في الإدارة الأميركية لن يسحبها من الاتفاق مثلما حدث مع ترامب. إن شروط إيران على إدارة الرئيس بايدن تعجيزية، ومن الصعب أن توافق عليها الولايات المتحدة ولو أنها ترى ضرورة للتوصل الى اتفاق مع النظام الإيراني.
تسلم رئيسي منصب الرئاسة في إيران في 3 آب (أغسطس) 2021 لا يشكل ضمانة لتقدم المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في فيينا، لأن النظام الإيراني يعتبر أنه الأقوى في المفاوضات.