الرئيسية / مقالات رأي / تداعيات المأزق السياسي الليبي

تداعيات المأزق السياسي الليبي

بقلم: د. أحمد يوسف أحمد – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- استعرضتْ مقالة الأسبوع الماضي أهم ما جاء في بيان المبعوث الأممي إلى ليبيا لمجلس الأمن في 15 يوليو الجاري، وبالذات كشفه لجوهر الخلاف على القاعدة الدستورية للانتخابات وأسبابه وتداعياته على بروز عدد من الأزمات بين مؤسسات الدولة الليبية الهشة، سواء بين مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية، أو بين الأخيرة والجيش الوطني، أو بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. وقد كانت لهذه التداعيات آثارها بطبيعة الحال، فتعثر إقرار مجلس النواب للموازنة العامة المقدّمة من حكومة الوحدة الوطنية، ولم يتفق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على تعيينات المناصب القيادية للدولة، ولم يسمح الجيش الوطني لحكومة الوحدة الوطنية ببسط سلطتها على المناطق الواقعة تحت سيطرته، بل لقد امتد الفشل إلى عدم الاتفاق حول منصب وزير الدفاع، وهي خطوة مهمة لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار وإحراز تقدم في نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها وإصلاح القطاع الأمني وإعادة توحيد المؤسسة العسكرية، لكن الأخطر بالتأكيد في بيان المبعوث الأممي كان ما يتعلق بتداعيات الخلاف السياسي على أعمال اللجنة العسكرية (5+5) التي تكاد أن تكون العلامة الوحيدة الباقية على إمكان تحقيق تفاهم بين الأطراف الليبية المتصارعة. فقد أشار المبعوث الأممي في بيانه إلى أن اللجنة قامت مؤخراً بتأجيل تنفيذ قرارها بإعادة فتح الطريق الساحلي لربط الأجزاء الشرقية بالغربية -وهو تأجيل يخدم مصالح معرقلي التسوية من وجهة نظر المبعوث الأممي- اعتراضاً منها على الإخفاق في اتخاذ قرارات من شأنها أن تيسر إجراء الانتخابات في موعدها، وعلى الجمود الحاصل بشأن انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية. وخطورة هذا القرار بتأجيل فتح الطريق الساحلي أنه يشير إلى أن المأزق السياسي الذي يواجهه ملتقى الحوار قد لا تقتصر تداعياته على تأجيل الانتخابات، وإنما ربما تمتد إلى تقويض الإنجازات المهمة التي تحققت على مسار التسوية وعلى رأسها اللجنة العسكرية التي يبدو امتعاضها واضحاً من الخلاف السياسي حول إجراء الانتخابات، بدليل تأجيل تنفيذ قرارها المهم بإعادة فتح الطريق الساحلي.

وقد عبر المبعوث الأممي في بيانه عن قلقه من أن وحدة اللجنة العسكرية وتنفيذ وقف إطلاق النار معرّضان للانهيار في حال استمرار تعثر المسار السياسي، حيث تضطلع هذه اللجنة بدور حيوي في تنفيذ وقف إطلاق النار، كما أن إنجازاتها هي التي مهدت الطريق لإحراز تقدم على الصعيد السياسي، وقد برزت كمثال يُحتذى على الوحدة الوطنية عندما اتخذت خطوات تنفيذ وقف إطلاق النار.

وتتزامن هذه التهديدات لمسار التسوية السياسية في ليبيا مع الجمود الحاصل في ملف انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة ونزع سلاح الميليشيات وإدماج ما يصلح منها في المؤسسة العسكرية والأمنية في ليبيا. وقد أكد المبعوث الأممي في بيانه على أن استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة يهدد وقف إطلاق النار، ولذا شدد على ضرورة اتفاق الأطراف الليبية والدولية الفاعلة على خطة للبدء في سحب القوات الأجنبية والمرتزقة بالكامل. وقد أورد في بيانه بهذا الصدد عبارةً غامضة تحدثت عن “مؤشرات أولية مشجعة” لتحقيق هذه الغاية، غير أنه أضاف: “أن ثمة حاجة لاتخاذ خطوات ملموسة والتوصل لاتفاقات”. وأخشى أن تكون “المؤشرات المشجعة” التي قصدها من نوع التأكيدات التي سمعها من أطراف فاعلة في ليبيا وبدأ بها بيانه ثم شكك في الالتزام الفعلي بها. وقد لا يتجاوز الأمر مجرد فتح حوارات مع تركيا وروسيا ووعود غير محددة في هذا الشأن. كذلك لاحظت أن بيانه لم يركز على خطر الميليشيات التي استأنفت اشتباكاتها فيما بينها في طرابلس أثناء كتابة هذه المقالة، وهذه قصة أخرى.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …