أزمة تونس

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – قرر الرئيس التونسي قيس سعيد، إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، من منصبه وتجميد عمل البرلمان في أعقاب حالة التخبط وسوء الأداء التي شهدتها البلاد منذ العام الماضي، بسبب تعنت حركة النهضة وتمسكها بحكومة فاشلة في مكايدة مع رئيس الجمهورية.

وقد أصدر الرئيس قراره مستندًا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينص على أن لرئيس الجمهورية في حالة وجود خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد إستشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب.

ولذا لم يحل رئيس الجمهورية مجلس نواب الشعب، إنما جمد عمله واعتبر ذلك من ضمن الإجراءات الاستثنائية التي يحمي بها البلاد، وهو تفسير لم يجمع عليه خبراء القانون الدستوري في تونس، خاصة في ظل غياب المحكمة الدستورية.

ومن هنا فسيصبح أمام الرئيس تحدي تحويل هذه القرارات إلى آلية لتغيير النظام السياسي وليس فقط وقف الخطر الذي تمثله حركة النهضة وحلفاؤها.

وربما تكون الصلاحية الوحيدة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في تونس مثل النظم الرئاسية هي أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولذا فإن الجيش يخضع لأوامره مباشرة. وفي نفس الوقت فإن الجيش في تونس محدود العدد وبعيد عن السياسة والحكم، وبالتالي من غير الوارد أن يتدخل مباشرة في العملية السياسية. ويبقى أن سعيد ليس له ظهير حزبي يدعمه، إنما رأى عام شعبي لايزال يعتبره نزيهًا ومخلصًا ويؤيده، وأخيرًا فإن موقف الاتحاد التونسي للشغل سيكون حاسمًا في هذه الأزمة، وهو ما سيتضح في الساعات القادمة.

بالمقابل فقد أعلنت حركة النهضة رفضها هذه الإجراءات واعتبرتها انقلابًا على الدستور والثورة دون أن تعتبر نفسها أحد الأسباب التى أدت إليها، أو تراجع أداءها طوال السنوات الأخيرة، إنما استمرت في التغلغل (جزئيًا) داخل مفاصل الدولة، ومعاندة رئيس الجمهورية في التمسك بحكومة فاشلة لأنها موالية لها.

ولأن النهضة سبق أن قدمت تحت الضغط الشعبي والجماهيري تنازلات، فإن من الوارد أن تتراجع أيضًا هذه المرة وتقبل بحكومة جديدة يرضى عنها رئيس الجمهورية، ومعها أيضا الذهاب إلى استفتاء يعطي صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية ويقرب تونس من النظم الرئاسية الديمقراطية، ويبعدها عن هذا النظام العجيب الذي يُنتخب فيه الرئيس مباشرة من الشعب «منزوع الصلاحيات».

لقد حانت لحظة تجديد النظام السياسي التونسي وتعديل قانون الانتخابات حتى تستطيع أن تستكمل البلاد مسار بناء دولة القانون والانتقال الديمقراطي.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …