الرئيسية / مقالات رأي / أفغانستان إذا سقطت

أفغانستان إذا سقطت

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – أن يتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن للرئيس الأفغاني أشرف غني في اتصال هاتفي جرى بينهما أمس الأول، باستمرار «تقديم المساعدة للشعب والجيش الأفغاني»، فيما تستعد الولايات المتحدة لسحب آخر جنودها أواخر الشهر المقبل، وفيما تعلن حكومة كابول منع التجول ليلاً في 31 مقاطعة «لوقف العنف والتصدي لتحركات طالبان»، فإن هذا التعهد لا يقدم ولا يؤخر شيئاً تجاه واقع جديد سوف تعيشه أفغانستان مع رحيل آخر جندي أمريكي وأطلسي.  

ما حصل قد حصل. فبعد أطول حروب أمريكا، وبعد فشل كل الجهود لبناء دولة حديثة وعصرية، وبعد صرف مليارات الدولارات، وتقديم آلاف الضحايا العسكريين والمدنيين، فإن أفغانستان تعود إلى نقطة الصفر، وتواجه مستقبلاً غامضاً، وقد يكون كارثياً بالتأكيد إذا ما استولت «حركة طالبان» على السلطة، وأقامت نظاماً ثيوقراطياً متشدداً، و«إمارة إسلامية» قروسطية تستند إلى مفاهيم دينية لاتمت بصلة للإسلام، ولا لقيم إنسانية وحضارية معاصرة.

أن تصمد حكومة كابول في وجه هجوم طالبان الواسع الذي بدأ في مايو (أيار) الماضي، وتمكنت خلاله الحركة من السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، فهذه مسألة تخضع للتطورات الميدانية وقدرة الجيش الحكومي على المواجهة، وحماية العاصمة. لهذا السبب، ولعدم اليقين، أو التشكيك بقدرة الجيش الأفغاني عمدت الكثير من الدول إلى سحب سفرائها أو تقليص عدد بعثاتها الدبلوماسية، حتى الولايات المتحدة أوعزت إلى الدبلوماسيين غير الأساسيين بالمغادرة.

إضافة إلى ذلك، هناك عدم ثقة دولية بتعهدات طالبان، فهجماتها الحالية للاستيلاء على مزيد من الأرض تتناقض بشكل مباشر مع ما تقوله عن دعمها لتسوية تفاوضية للصراع، ثم إن تصريحات قادتها بأنها لا تشكل خطراً على جيرانها في حال استولت على السلطة، لا تطمئن هؤلاء الجيران الذين يخشون من صعود المد المتطرف والأعمال الإرهابية، خصوصاً في دول الاتحاد السوفييتي السابق (تركمانستان، أوزباكستان، وطاجيكستان)، وهذه الدول تشكل حدوداً رخوة لروسيا، إضافة إلى إيران في الشرق والصين في الغرب.

صحيفة «التليجراف» البريطانية نشرت تقريراً حول مستقبل أفغانستان إذا ما استولت طالبان على السلطة تحت عنوان «أفغانستان قد تصبح معقلاً لتنفيذ هجمات إرهابية مستقبلية في الخارج»، قالت فيه إنه من غير المرجح أن تفي طالبان بتعهداتها لوقف استخدام أفغانستان كمعقل لتنفيذ هجمات إرهابية على غرار هجمات 11 سبتمبر2001.

الصحيفة نقلت عن مسؤول أمني بارز، قوله إنه على الرغم من تعهد طالبان خلال محادثاتها مع الولايات المتحدة بأنها لن تسمح لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» بالعمل في الأراضي الأفغانية، إلا أن طالبان «تحتفظ بصلات وثيقة مع التنظيمين». ويضيف المسؤول «يوجد اعتقاد في الغرب بأن هذه الجماعات تعمل بمعزل عن بعضها، لكن الأمر ليس كذلك، قد تختلف القيادة والطموحات السياسية، لكن أيديولوجيا كل هذه التنظيمات واحدة، إنهم كلهم يريدون إقامة وتمويل دولة خصبة لجميع الأصوليين الآخرين في شتى أرجاء العالم».

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …