الشرق اليوم – كشفت دراسة أن نفقات تنظيم الألعاب الأولمبية عادة ما تتجاوز 172% من الميزانية المرصودة في الأصل.
إن المتجر الرسمي للبضائع في مركز تسوق “أكوا سيتي” بطوكيو -الذي يقع على مقربة من القرية الأولمبية- كان يتطلع إلى جني كثير من الأرباح عن طريق بيع مختلف السلع -من القمصان إلى دمى داروما التقليدية- إلى آلاف المعجبين الوافدين لمشاهدة الألعاب الأولمبية، لكنه لم يحقق سوى 10% فقط من المبيعات المتوقعة. يبدو أن تحقيق المكاسب الأوسع من الأولمبياد سيبقى بعيد المنال، ويعزى ذلك جزئيا إلى جائحة فيروس كورونا.
ولطالما جادل الاقتصاديون بأن استضافة الألعاب الأولمبية لا تترك سوى ديون مرتفعة وبنية تحتية مهدورة والتزامات صيانة مرهقة، بدلا من زيادة الاستهلاك وازدهار السياحة وتعزيز مكانة البلد المضيف.
وفي دراسة نشرت عام 2016، خلص الأكاديميان الأميركيان فيكتور ماثيسون وروبرت بادي إلى أن “الألعاب الأولمبية في معظم الحالات عبارة عن صفقة خاسرة بالنسبة للمدن المضيفة”.
دورة 2021
وتقدم دورة الألعاب الأولمبية هذا العام للمشككين المزيد من الحجج لدعم وجهة نظرهم. ويرى سوهيرو تورو، من البنك الاستثماري “دايوا سيكيوريتيز”، أنه “كان من الأفضل عدم استضافة الألعاب الأولمبية هذا العام”، معربا عن الشعور السائد في اليابان بين الاقتصاديين وغير الاقتصاديين على حد سواء.
إن حساب التأثير الاقتصادي للفعاليات الضخمة مثل الألعاب الأولمبية قد يكون أمرا صعبا.
وتعتبر تكاليف الألعاب الأولمبية والاستثمارات التي تحتاجها المدن التي ستقام فيها محل جدل بين المنظمين والنقاد بالفعل، لكن أحد الأمور شبه المؤكدة هو أنها تؤثر حتما على الميزانية.
وقد وجد ألكسندر بودزير، وبينت فلايفبيرغ، ودانيال لون -من جامعة أكسفورد- أن تكاليف كل دورة أولمبية منذ عام 1960 قد تجاوزت الإنفاق المخطط له بمتوسط 172%، وهذا الأمر ينطبق على طوكيو كذلك.
في عام 2013، كانت الميزانية المخصصة للألعاب الأولمبية في حدود 7.5 مليارات دولار. وبحلول أواخر عام 2019، ارتفعت الميزانية الرسمية إلى 12.6 مليار دولار، وتوقع مجلس التدقيق الياباني أن تكون التكلفة الحقيقية ضعف ذلك. ومنذ ذلك الحين، أضافت الإجراءات الوقائية بسبب كوفيد-19، بما في ذلك تكلفة الاختبار وغيرها من التكاليف ذات الصلة 2.8 مليار دولار أخرى.
توقعات مبالغ فيها
توقّعت دراسة أجرتها حكومة طوكيو تعود لعام 2017 أن العائدات ستكون أكثر من المبلغ المحدد لتعويض التكاليف، وقدرت أن الألعاب ستحقق 14 تريليون ين (127 مليار دولار) من الطلب الإضافي. ويعود جزء من تكثيف الإنفاق إلى تهيئة بنية تحتية جديدة، مع أن مثل هذه المشاريع يمكن أن تزاحم الاستثمارات في مجالات أخرى أكثر فائدة.
وتتمثل فائدة أخرى في تعزيز الاستهلاك خلال الألعاب الأولمبية، من التذاكر إلى الطعام والشراب. ولكن مع انطلاق الألعاب من دون جمهور، لن تجني طوكيو سوى القليل من الأرباح التي توقعتها.
من المتوقع أن يأتي جزء كبير من المكاسب من الزيادات في السياحة واستخدام وسائل النقل والبنية التحتية الأخرى بعد انتهاء البطولة. لكن مياموتو كاتسوهيرو -من جامعة كانساي- يرى أن هذه التوقعات مبالغ فيها منذ البداية، وسيبدد الوباء كثيرا منها.
من جهته، يعتقد كيوشي تاكاهيد -من معهد نومورا للأبحاث- استمرار اليابان في الاستفادة من الفنادق الإضافية التي بنتها لهذه المناسبة، حيث أصبح توفير الغرف قيدًا على صناعة السياحة اليابانية التي كانت متنامية قبل الوباء. لكن آخرين قلقون من أن الجدل بشأن إقامة الألعاب أثناء الوباء سيخلق تأثيرا سلبيا على مكانة اليابان الدولية، ويقلل من احتمال زيارة السياح لها. وتفسر مثل هذه المخاوف سبب رفض كبار الرعاة مثل شركة “تويوتا” رعاية حفل افتتاح الألعاب الأولمبية.
إن عدد المدن التي تتقدم لاستضافة الألعاب الأولمبية قد تضاءل في السنوات الأخيرة. ويبدو أن تجربة طوكيو ستؤدي إلى تأجيل المزيد منها، خاصةً في المدن الغنية التي لا تحتاج إلى الكثير من البنية التحتية. وقد تصبح الألعاب الأولمبية سباقًا لا تريد أي مدينة المشاركة فيه.
ترجمة: الجزيرة