الشرق اليوم – منذ توليه منصب الرئاسة في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، أطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مبادرات سريعة ومتلاحقة في السياسة الخارجية، من بينها إعادة الانضمام إلى المنظمات متعددة الأطراف التي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب، وتنشيط تحالفات أميركا والتبرع باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وبدا من تلك السياسات أن فريق بايدن يسلك نهجا مناقضا لنهج سلفه ترامب.
بحسب الكاتبين الصحفيين دانييل ديودني وجون إيكينبيري، فإن أنشطة بايدن في السياسة الخارجية ترقى إلى أن تكون ثورة في مجال السياسة الخارجية الأميركية، حيث ترسم إعادة تصور واسعة النطاق لدور واشنطن في العالم لم نشهد له مثيلا منذ عهد الرئيس السابق فرانكلين روزفلت.
الصين.. بايدن ونهج “المنافسة الإستراتيجية”
يقول كيفين رود، رئيس “جمعية آسيا” (Asia Society) ورئيس الوزراء الأسترالي السابق، إنه عندما تولى الرئيس الأميركي جو بايدن الرئاسة، افترض البعض في بكين أن الإدارة الجديدة ستتحرك بسرعة لإعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى سابق عهدها، وتقليص التعريفات الجمركية، وخفض العقوبات المفروضة على الصين خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لكنهم سرعان ما أصيبوا بخيبة أمل كبيرة.
فقد رفضت إدارة بايدن، مبادرات الصين لاستئناف حوار إستراتيجي رفيع المستوى مع المسؤولين الصينيين، واحتفظت بكل القيود التي فرضت على بكين في عهد ترامب.
وقال إن إدارة بايدن تعكف على إعداد مراجعة شاملة لإستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين تغطي كل المجالات الدبلوماسية والأمنية والتجارية والتكنولوجية، يتوقع أن تكون جاهزة هذا الخريف. لكنه يؤكد أن إدارة بايدن تبنت مفهوم “المنافسة الإستراتيجية” الذي انتهجته إدارة ترامب، وهو الإطار العام المحدد لعلاقتها ببكين.
الشرق الأوسط.. تقاعس سيلاحق واشنطن!
وبحسب لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد “تشاتام هاوس” (Chatham House) البريطاني، فإن سياسات إدارة بايدن بشأن الشرق الأوسط خلال الأشهر الستة الماضية تشير إلى هدف واحد هو محاولة احتواء مشاكل المنطقة والحيلولة دون خروجها عن السيطرة حتى لا تنتشر خارج الشرق الأوسط أو تشكل تهديدا للمصالح الأميركية.
وترى الخطيب أن الولايات المتحدة تحاول بناء على هذا النهج احتواء التدخل الإقليمي الإيراني في بلاد الشام والعراق لكنها تتجاهل الدور الأوسع لطهران بالمنطقة.
كما ترى أن الولايات المتحدة تسعى من خلال الحد من أنشطتها الدبلوماسية والعسكرية إلى احتواء الصراعات القائمة في الشرق الأوسط والحد من دور إيران وفي الوقت نفسه التركيز على مناطق أخرى من العالم تضعها واشنطن في سلم أولويات سياستها الخارجية.
وقالت إن انسحاب أميركا من الشرق الأوسط من شأنه ترسيخ النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة خاصة في سوريا ولبنان، كما يمهد الطريق أمام الصين للعب دور أكبر في الشرق الأوسط.
وختمت بأن بايدن قد ينجح في التخلص من صداع الشرق الأوسط في المستقبل المنظور خلال فترة رئاسته، لكن عواقب التقاعس والانسحاب ستعود لتطارد واشنطن في المستقبل عندما تتحول الصراعات وتكتسب الأطراف الإقليمية الفاعلة الشجاعة التي كانت تفتقدها.
روسيا.. ثنائية التعاون والرد
من جانبها قالت أنجيلا ستينت، مديرة مركز الدراسات الأورو-آسيوية والروسية ودراسات أوروبا الشرقية بجامعة جورجتاون، إن قضية العلاقة بروسيا كانت تشكل موضوعا ساما على الصعيد المحلي في الولايات المتحدة عندما تولى بايدن الرئاسة، فقد انقسم الرأي المحلي بشأنها مما سبب استقطابا في البلاد في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب بسبب ثنائه غير المسبوق على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واعتقاد بعض الأوساط الأميركية بأن روسيا ساعدته على الفوز بالانتخابات.
وقد تمكن بايدن، من إخراج روسيا من الجدال الأميركي المحلي من خلال انتقاده لسياسات بوتين والكرملين، وأصبح بإمكانه التعامل مع ملف روسيا بصفته تحديا للسياسة الخارجية فحسب.
وذكّرت بأن أحد الإجراءات الأولى التي قام بها بايدن عند توليه الرئاسة كان تجديد معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية مع روسيا لمدة 5 سنوات أخرى، وهي المعاهدة الوحيدة المتبقية التي تنظم الترسانات النووية للقوتين النوويتين العظميين في العالم، والتي كانت صلاحيتها تنتهي في فبراير/شباط من العام الجاري.
وقالت ستينت، إن بايدن حتى الآن يتبع سياسة مألوفة ثنائية المسار مع روسيا، تقضي بالتعاون معها في الأمور والقضايا التي تخدم مصلحة الولايات المتحدة والرد على ممارساتها العدائية تجاه أميركا.
ترجمة: الجزيرة