بقلم: صادق خان – اندبندنت عربية
الشرق اليوم- 100 يوم تفصلنا عن موعد استضافة المملكة المتحدة لقمة غلاسكو للمناخ، المعروفة بـCop26 ـ حدث من شأنه أن يكون محورياً في تحديد مستوى استجابة جيلنا لحال الطوارئ المناخية ـ ومن المهم أن نرفع صوتنا جميعاً دعماً للجهود الداعية لضرورة التوصل إلى اتفاق طموح (لحماية) المناخ.
وعلى الجميع، من السياسيين إلى الجمهور، ومن قطاع الأعمال إلى المجتمع المدني، أن يشارك في لعب دوره كقوة دافعة وضاغطة لإيجاد سياسات جريئة يساندها قادة العالم، ليس لمجرد التعامل مع أزمة المناخ فحسب، بل لتحقيق تعافٍ محق وعادل من الجائحة الفظيعة التي يستحقها المواطن والمجتمع في (كل مكان).
قمة غلاسكو للمناخ Cop26، تعتبر لحظة مهمة في تاريخ المملكة المتحدة لممارسة تأثير حقيقي على المسرح العالمي [الساحة الدولية] واستخدام قوتها الناعمة ونفوذها الدبلوماسي لإبرام اتفاقية تاريخية عالمية، ولكن ما هو أكثر أهمية أنه من مصلحتنا جميعاً التحرك معاً الآن – وعلينا التحرك بشكل حاسم ـ لأن مصير بيئتنا، ومصير كوكبنا، ومستقبلنا الذي نتشارك به هو حقيقة على المحك، إن أردنا تجنب كارثة الأزمة المناخية.
والحقيقة أنه ليس أمامنا خيارات سوى وضع أنفسنا في مقدمة الحركة العالمية من أجل المناخ وتحقيق العدالة المناخية. لقد انتهى زمن اختلاق الأعذار لخمولنا، وحان الوقت اليوم لاظهار قوة قيادتنا وإلحاحنا.
في العاصمة لندن، نحن على دراية بحجم الرهان [التحدي]، ونحن مصممون على أن نكون قدوة عندما تحين ساعة مواجهة هذا التحدي التاريخي. لقد أعلنا قبل فترة حال طوارئ مناخية، والتزمنا بتصفير انبعاثات [الكاربون في] لندن بحلول 2030، كما وضعنا خطة مواجهة مناخية تتلاءم مع أكبر طموحات اتفاقية باريس للمناخ.
ونحن أيضاً بصدد اتخاذ خطوات لبيع أصول صناديق الضمان الاجتماعي في شركات الوقود الأحفوري، ونواصل السعي إلى توسيع شبكتنا لتوفير نقاط شحن بطاريات المركبات، ونعمل على أن يكون نظام النقل العام في مدينتنا خالياً من التلوث وأكثر رفقاً بالبيئة عن طريق شراء حافلات كهربائية وأخرى تعمل بطاقة الهيدروجين.
كل ذلك يضيف إلى خطوات كبيرة حققناها في السنوات الخمس الماضية، من ضمنها إنشاء منطقة انبعاثات منخفضة جداً (يمنع بداخلها سير المركبات ذات الانبعاثات المرتفعة إلا لقاء رسم مالي قيمته 25 جنيهاً استرلينياً في اليوم، أي نحو 38 دولاراً أميركياً) هي الأولى في نوعها عالمياً، كما عملنا على زيادة المناطق المحمية لخطوط سير الدراجات الهوائية بخمسة أضعاف، وأنا فخور بأن أعلن أن كل ذلك هو من إنجازات إدارتي في بلدية لندن.
ومع ذلك، نحن نعلم أن علينا الاستمرار في هذه الخطوات ومضاعفتها لتحقيق المزيد، وبسرعة أكبر. لذلك، فيما نسعى لإعادة البناء (في مرحلة) ما بعد الجائحة، فإننا قررنا وضع حال الطوارئ المناخية في قلب جهود التعافي التي نبذلها. ولا بد لنا أن نكون واضحين، فأي تعافٍ اقتصادي والتعافي الأخضر (الصديق للبيئة) لا يتعارضان، بل هما يتكاملان. بالتأكيد، فإن التعافي الاقتصادي الأخضر (أي الرفيق بالبيئة) لا يمكّننا من حماية بيئتنا فحسب، بل يساهم في توفير فرص العمل والازدهار الذين نحتاج إليهما للنهوض من جديد بمدينتنا واقتصادها وإصلاح ما كشفت عنه الجائحة من عدم مساواة وظلم (المنتشرين فيها).
لذا، في مشروعي “الصفقة الخضراء الجديدة” للعاصمة لندن ثمة تركيز على ضرورة توفير فرص عمل مضمونة، وعالية الجودة، وبأجور سخية في قطاعات اقتصادية خضراء جديدة. لقد استثمرنا حتى الآن عشرة ملايين جنيه استرلينياً (نحو 13.8 مليون دولار أميركي) في مشاريع لدعم الوظائف في (قطاعات) الصناعات الخضراء، ولدينا خطة جاهزة لدعم أكثر من 175000 وظيفة خضراء في العاصمة ولمضاعفة حجم قطاعاتنا الاقتصادية الرفيقة بالبيئة.
التحرك لحماية المناخ هو أيضاً من سبل إرساء العدالة الاجتماعية، لأن المجتمعات [الدوائر المجتمعية] الأفقر هي من تعاني أكثر من غيرها بسبب تلوث الهواء في مدينة لندن، كما تعاني حول العالم بسبب التغيرات المناخية. وتسليماً بذلك، لقد قمنا بمسح يشمل أكثر المناطق حرماناً في لندن مما يسمح لنا بتركيز مشاريعنا الخضراء في الأحياء والمجتمعات التي تتخلف اقتصادياً عن الركب، وتعتبر معرضة بيئياً أكثر من غيرها. كذلك، سنعمل على أن يشارك كافة أطياف المجتمع اللندني في عملية تحولنا إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات، دون أن يترك أي من هؤلاء في المؤخرة. ولقد كلفنا ببدء دراسات لتحديد كيف ستبدو الأمور خلال عملية التحول العادلة للعاصمة لندن.
فمن أجل ازدهارنا المستقبلي، ومن أجل البيئة، أنا أعلم أن علينا مواصلة الدفع قدماً لتنفيذ هذه المبادرات الخضراء. في عام قمة المناخ في غلاسكو Cop26، وفي بداية عقد من العمل تلتزم لندن بأن تكون رأس حربة التغيرات التحويلية الضرورية، وأن تسعى للعمل من أجل كل أبناء المجتمع، لتأمين مستقبل أفضل ومشرق أكثر للعاصمة لندن، واقتصاد أقوى وأكثر عدالة وصحي بشكل أكبر لكل من يعتبر هذه المدينة بيته.