الرئيسية / مقالات رأي / المكايدة السياسية

المكايدة السياسية

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم 

الشرق اليوم – حين يعاني بلد من جائحة كورونا، ويتعرض لواحدة من أكثر الأزمات الصحية الذي شهدها في تاريخه المعاصر، ويتم إقالة وزير الصحة ليس بسبب عدم كفاءته أو فشله في مواجهة الجائحة، إنما بسبب مكايدة سياسية بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.

وقد برر رئيس الحكومة التونسية قراره بالقول إن وزير الصحة اتخذ قرارات شعبوية وإجرامية، وإنه عاين بنفسه «سوء التسيير في وزارة الصحة».

والمؤكد أن إقالة أي مسؤول نتيجة تقصيره أو سوء أدائه ملمح أساسي لأي دولة قانون بشرط ألا تكون هذه الإقالة بسبب تصفية الحسابات السياسية، خاصة أن هناك مسؤولين في عالمنا العربي يستبعدون بسبب جوانبهم الإيجابية وليس على السلبيات.

والحقيقة أن قرار رئيس الحكومة بإقالة وزير الصحة التونسي يندرج في إطار المكايدة السياسية مع رئيس الجمهورية، فالوزير «محسوب عليه» ودعم قراره باستدعاء الجيش لمواجهة الجائحة فى بلد بلغ فيه عدد الإصابات 550 ألفا، واقترب عدد الوفيات من 20 ألفا (عدد سكان تونس حوالي 12 مليون نسمة). وبلغت نسبة المطعمين حوالي 950 ألف شخص وهي أفضل من بعض البلاد العربية، لكنها أقل بكثير من المأمول.

والحقيقة أن مشهد كورونا في تونس يرجع، في جانب رئيسي منه، للأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، فقد كان أداء تونس مع بداية الجائحة جيدا، ونجحت فى السيطرة على انتشار الوباء، ومع تفاقم الخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة دخل الطرفان في «استعراض صلاحيات»، فالرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالى من صلاحياته إعطاء الأوامر للجيش بالتحرك من أجل مواجهة الجائحة، وهو ما حدث بالفعل، وبنيت مستشفيات ميدانية للقوات المسلحة في أكثر من مدينة لمحاصرة انتشار الوباء.

والمؤكد أن هذا الصراع الفج بين الرئيسين (رئيس الحكومة والجمهورية) مسؤول عنه بشكل أساسى الدستور التونسي الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية حتى أصبحت أقل من صلاحيات رئيس الحكومة فيما يتعلق بالسياسات الداخلية، وهو أمر غير وارد في النظم الرئاسية التي ينتخب فيها رئيس الجمهورية بشكل مباشر من الشعب، حيث يختار الحكومة ويعرضها على البرلمان من أجل نيل الثقة.

لا يمكن أن ينتخب شعب مباشرة رئيس جمهورية (انتخب قيس سعيد بنسبة كاسحة بلغت 76%)، ولا يستطيع أن يكون له رأي في وزرائه، ولا أن يعين ويعفي الوزراء، في ظل رقابة السلطة التشريعية.

أزمة تونس الصحية هي، في جوهرها، أزمة سياسية، فرئيس منتخب من الشعب «منزوع الصلاحيات» كارثة على النظام السياسى، لأن ما يعتبره بعض التونسيين تململ الرئيس من محدودية صلاحياته وسعيه لتوسيعها أمر لا يرجع لشخص الرئيس واسمه، إنما لأنه منتخب من الشعب، فالطبيعي أن تكون لديه صلاحيات تنفيذية كبيرة ينظمها الدستور والقانون مثل كل النظم الرئاسية الديمقراطية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …