بقلم: عوني الداوود – صحيفة “الدستور” الأردنية
الشرق اليوم – ما وصفه الرئيس جو بايدن من حرص أمريكي على صداقة وشراكة وعلاقات دائمة مع الأردن يتجسد عمليا في العلاقات الأردنية مع الكونغرس الأمريكي تحديدا وعبر نحو سبعة عقود، فهي علاقات تزداد ثباتا ورسوخا سنة تلو أخرى، ونحن كأردنيين حين نسمع كلمة «الكونغرس» بتنا نتذكر ذلك الخطاب التاريخي لجلالة الملك عبدالله الثاني في آذار/ مارس 2007 تحت قبة الكونغرس وفي جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ برئاسة الديمقراطية المخضرمة نانسي بيلوسي والتي وقف خلالها المجلس كاملا بنوابه وشيوخه وسفراء الدول الحضور لأكثر من نحو (17) مرة تصفيقا لجلالة الملك عدا تصفيق لأكثر من (3) دقائق خلال دخول جلالته القاعة بعد أن قدمته رئيسة المجلس للحضور. هذه الجلسة التاريخية وما سبقها وما تلاها من لقاءات وجلسات سنويا سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في الأردن، لم تنقطع وكانت ولا زالت تجسد معنى العلاقات الدائمة والمتواصلة بين صناع القرار الأمريكي في الكونغرس والقيادة الأردنية القائمة والمبنية على التقدير والاحترام لجلالة الملك الذي يصفونه دائما بأنه «صوت العقل والاعتدال» أو كما وصفه رئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق بأنه حين يزور الملك عبدالله الكونغرس لا أحد يتأخر عن اللقاءات من أعضاء الكونغرس فالكل حريص على لقاء جلالته والاستماع لما يقول لأنهم يثقون بجلالته ويبنون آراءهم ومواقفهم وقراراتهم على ما يسمعون من جلالته – كما يقول السيناتور الأمريكي -.
أو كما قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي خلال استقبالها جلالة الملك وبحضور سمو ولي العهد: «نحن نتعلم من جلالة الملك الكثير دائماً، ونحن سعيدون جدا أنه معنا اليوم في الكابيتول».
عبر تاريخ العلاقات الأردنية الأمريكية الممتدة لنحو سبعة عقود لم تتأثر العلاقة بين القيادة الأمريكية ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني والكونغرس الأمريكي بشقيه النواب والشيوخ والأهم من ذلك أنها على نفس الدرجة من الثقة والاحترام مع الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فهي على مسافة واحدة حتى ولو تأثرت على مستوى القيادة والدليل على ذلك أنه رغم توتر العلاقات في عهد الرئيس الأمريكي «الجمهوري» السابق دونالد ترامب، وضغوطه المستمرة على الأردن من أجل القبول بصفقة القرن، ورغم نجاحه بوقف المساعدات عن الفلسطينيين والأونروا كورقة ضغط، إلا أن ذلك لم يحدث ولم يسمح به الكونغرس تجاه الأردن، بل على العكس ففي الوقت الذي تم فيه تخفيض كثير من المساعدات الأمريكية لدول العالم نتيجة المتغيرات العالمية، بقيت قرارات الكونغرس الأمريكي بلجانه المعنية المتعددة وبأعضائه الجمهوريين كما الديموقراطيين إلى صف الأردن إيمانا بأهمية الأردن وثقة بقيادة جلالة الملك والدور المبذول في حفظ سلام المنطقة ومحاربة الإرهاب، فبقيت المساعدات الأمريكية للأردن بموافقات الكونغرس وقرارات الإدارات الأمريكية من رئاسة وخارجية وبنتاغون وغيرها من أماكن صنع القرار، فتم توقيع مذكرة دعم ومساعدات لخمس سنوات (2018- 2022) بمساعدات تصل نحو (6.5 مليار دولار) تم زيادتها إلى نحو (1,5مليار سنويا) منذ العام 2018، وزادت أيضا بعد جائحة «كورونا»، هذا عدا خصوصية العلاقة الأردنية الأمريكية التي أسفرت عن توقيع اتفاقية التجارة الحرة كأول دولة عربية في العام 2000 وتم تنفيذها منذ 2001.
باختصار فان العلاقات الأردنية الأمريكية والتي يجسد عمقها وقوتها «الكونغرس الأمريكي» لم تتأثر بتغير الرئاسة الأمريكية ديمقراطية كانت أم جمهورية، وجلالة الملك عبدالله الثاني عاصر نحو (5) رؤساء أمريكيين منذ توليه العرش في العام 1999، بدءا من (الديمقراطي – بيل كلينتون) ثم (الجمهوري جورج بوش الابن) ثم (الديمقراطي باراك أوباما) و(الجمهوري دونالد ترامب) وأخيرا (الديمقراطي جو بايدن)، وطوال تلك الفترة كان الاردن بقيادة جلالة الملك ولا زال يرتبط بعلاقات قريبة جدا وشخصية بين أعضاء البرلمان والشيوخ من الحزبين، وهذا ما أثبتته اللقاءات المتعددة التي حفل بها برنامج زيارة جلالة الملك للولايات المتحدة بلقاءات مع لجان الكونغرس بشقيه الشيوخ والنواب، ومن الحزبين، والتي أكدت الحرص على تدعيم اكبر للعلاقات الثنائية بين الأردن وأمريكا وتفهم أكبر لمشاكل وتحديات المنطقة بدءا بالقضية الفلسطينية والسلام في الشرق الأوسط وباقي ملفات المنطقة من العراق وسوريا. وننتظر ونتوقع تفهما أكبر لحاجة الأردن للمساعدات الأمريكية والتطلع لتجديد مذكرة التفاهم التي تنتهي في العام المقبل، إضافة لتعاون مميز بمجابهة فايروس كورونا الذي بدأ فعلا وسيستمر، والتعاون الأبرز في المرحلة المقبلة بصورة أكبر بمكافحة الإرهاب والدعم والتعاون العسكريين لحفظ سلام المنطقة ودرء تحديات الإرهاب.. إلى آخر العناوين المتعددة والتي تجسد العلاقة الخاصة جدا بين الأردن والكونغرس الأمريكي.