بقلم: جيفري كمب – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- جو بايدن رئيس في عجلة من أمره. ذلك أنه يدرك أن قدرته على تمرير تشريعات مهمة خلال ولايته الأولى يمكن أن تواجه عرقلة من “الجمهوريين” في حال خسر حزبه السيطرة على مجلس النواب أو مجلس الشيوخ خلال الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر 2022. وأخذا بعين الاعتبار رزنامة الكونجرس التي تتخللها العديد من فترات الاستراحة والعطل التي يبتعد فيها المشرعون عن واشنطن، فإن لدى بايدن حوالي العام من أجل تشكيل سجّل إنجازات قبل أن يصبح “بطة عرجاء” (أي رئيس لا يستطيع تمرير القرارات السياسية).
خلال هذه الفترة القصيرة يأمل بايدن في تمرير مشروعي قانون باهظين جداً وقادرين على أن يحسّنا بشكل جذري البنية التحتية المادية والبشرية الأمريكية التي تعاني من نقص كبير في التمويل. وفي حال أُقرت مشاريع القوانين هذه وتحولت إلى قوانين، فإن تريليونات الدولارات ستصبح متاحة من أجل إعطاء انطلاقة قوية لاقتصاد تنافسي جديد قادر على تحسين الحياة الأميركية بشكل جذري.
بيد أن هذه الآمال والأحلام تتوقف على توازن للقوة في الكونجرس يمكن أن يتغير بين ليلة وضحاها في حال توفي سيناتور “ديمقراطي” واحد فقط، أو قرر ألا يصوّت لصالح برنامج بايدن. وعلاوة على ذلك، فإنه سيكون من الصعب جداً، أصلاً، تحقيق ما يريده بايدن من دون أي مصادر إلهاء كبيرة أخرى.
والحال أن مصادر الإلهاء هذه ما فتئت تتزايد يوماً بعد يوم وتضع الرئيس في وضع صعب.
فأولا، هناك عدد من التحديات بخصوص السياسات الخارجية والأمنية التي لا يمكن تجاهلها، بما في ذلك التوترات المتزايدة مع روسيا والصين، وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط في وقت لا تبدي فيه الأزمة النووية مع إيران أي مؤشرات على التقدم، وتزايد الأدلة على خطورة تغير المناخ بالنسبة للكوكب. فكل واحدة من هذه القضايا يمكن أن تؤدي إلى أزمة عالمية لا يستطيع أي رئيس أمريكي تجاهلها. وفضلا عن ذلك، فإن المشاكل في أمريكا الوسطى والجنوبية ما انفكت تتزايد مع تزايد الفوضى في فنزويلا والانتفاضة في كوبا واللتين لم يزدهما استمرار الوباء إلا خطورة وفتكا. كما أن أحد أكثر الأحداث خطورة سيكون مزيداً من الهجمات الإلكترونية المطالبة بفدى على أهداف في الولايات المتحدة أو في بلدان حليفة لها مع توافر أدلة على أن مصدرها روسيا أو الصين اللتين فشل زعيماهما في منعها.
وقريبا من الولايات المتحدة، يؤدي التدفق المستمر للمهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الأمريكية إلى انتقادات متزايدة من “الجمهوريين” ويوفّر مزيداً من الذخيرة الشفوية لدونالد ترامب ليواصل جهوده حتى يبقى حاضراً في المشهد ومرشحاً ممكناً للرئاسة في 2022. غير أن الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لبايدن هو الزيادة الدراماتيكية في عنف الأسلحة في المدن الأمريكية منذ تفشي الوباء، وشبح حدوث انقسامات حادة داخل الحزب “الديمقراطي” بشأن سبل محاربة الجريمة من دون تنفير ناخبي الأقليات المهمة، الذين لديهم رأي سلبي بشأن سلوك الشرطة في الأحياء الصعبة والفقيرة. هذا الموضوع سيوحّد “الجمهوريين” وخاصة أنصار ترامب المحافظين الذين سيحاججون بأن بايدن “متراخ بخصوص مكافحة الجريمة” ويشعر بأنه مدين للتقدميين في حزبه، بمن فيهم أولئك الذين يطالبون ب”وقف تمويل الشرطة”.
وعليه، فإن بايدن مضطر لأن يأمل أن يكون الوباء قد تراجع العام القادم والاقتصاد قد تعافى بشكل كامل، وأن يواصل ترامب تقسيم “الجمهوريين” بخطاباته التي لا نهاية لها حول انتخابات 2020 “المسروقة”، وأن تصبح مشاكل ترامب القانونية عبئا ثقيلا عليه.
تحت هذه الظروف قد يميل متنافسون “جمهوريون” آخرون إلى تحدى ترامب على أساس أن الرئيس السابق ليست لديه أي رسالة بنّاءة للشعب الأمريكي وأن أداءه في حملة 2000 الانتخابية أثبت أنه خاسر. وفي الوقت الراهن، يظل المنافس الأبرز الذي من المحتمل أن ينافس ترامب هو حاكم ولاية فلوريدا “رون ديسانتيس”، الذي كان مستعداً لتحدي “الديمقراطيين” في الهجرة وإدارة أزمة وباء كوفيد، والذي تمكن في الوقت نفسه من فتح اقتصاد فلوريدا بنجاح وكسب تأييد أغلبية من ناخبي الولاية.