الرئيسية / مقالات رأي / مقترح صيني لسوريا

مقترح صيني لسوريا

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- على الرغم من الصداقة التقليدية الطويلة بين بكين ودمشق، فإن الصين قليلاً ما ظهرت بمثل هذا الوضوح، وربما الحسم في تعاملها مع الأزمة السورية، إذ لم تكتف، هذه المرة، بكلمات عامة لتؤكد التعاون وتعزيز هذه الصداقة وتطويرها، وإنما قدمت مقترحاً من نقاط محددة لحل الأزمة السورية.

 زيارة وزير الخارجية الصيني وانج يي، مؤخراً، إلى دمشق، حملت معها، علاوة على توقيتها ودلالاتها، نبرة لم نعتد على سماعها من قبل، من حيث الإصرار على بث رسائل في اتجاهات مختلفة، لعل أهمها تلك الموجهة للغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص. فمن حيث التوقيت، تشير الزيارة التي جاءت في يوم تنصيب الرئيس السوري لولاية رابعة، تأكيداً صينياً على شرعية القيادة السورية، وتبديداً لأوهام الغرب الذي ما انفك عن محاولاته لإسقاط “النظام السوري”، على حد قوله، بينما تأتي الصين لتقول بوضوح تام إنها ضد أي محاولة لتغييره، معتبرة أن التدخلات الخارجية فشلت في الماضي، وأنها لن تنجح في المستقبل.

 ومن حيث الدلالات، يبدو أن الصين، القوة الصاعدة اقتصادياً وعسكرياً في الساحة الدولية، تبحث عن إثبات الذات عملياً، وفي ميادين التنافس الإقليمية والدولية، بعد أن وصلت إلى حافة المواجهة مع الولايات المتحدة، عبر استراتيجية جديدة تعتمد الحضور والتنافس بقوة، انطلاقاً من ساحات الصراع التي تتواجد بها القوى العظمى، وسوريا بالتأكيد واحدة من هذه الساحات. وبالتالي، يجب ألا نتفاجأ في أن الصين التي لم تطرح يوماً مبادرات في المنطقة، وإن كانت حاضرة في دعم القضايا العربية، إلا أنها، هذه المرة، قدمت مقترحاً من أربع نقاط لحل الأزمة السورية، تبدأ من احترام السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، واحترام خيار الشعب السوري في تقرير مصيره، إلى التخلي عن وهم تغيير “النظام”، ثم التعجيل بعملية إعادة الإعمار، مشددة على أن الطريق الرئيسي لحل الأزمة الإنسانية يمر عبر رفع جميع العقوبات الأحادية والحصار الاقتصادي عن سوريا بشكل فوري، والتأكيد على موقف حازم بشأن محاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية، ودعم الحكومة السورية في محاربة الإرهاب واستعادة السيطرة على كل أراضيها، ورفض ازدواجية المعايير خصوصاً بالنسبة للمنظمات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن.

 وأخيراً، العمل على إيجاد حل سياسي شامل وتصالحي للقضية السورية، وفق قرارات الأمم المتحدة، على أن يتم دفع التسوية بقيادة السوريين أنفسهم، مع تأكيد أهمية دعم المجتمع الدولي للأمم المتحدة وتمكينها من لعب دورها في إرساء أساس سياسي قوي للاستقرار والتنمية والنهوض على المدى الطويل.

 ربما تكون هذه البداية انطلاقة جديدة وجادة للدبلوماسية الصينية، التي يبدو أنها خلعت ثوب الحيادية، لتتحدث بلغة واضحة ومقترحات محددة في الشؤون الدولية، من شأنها أن تمكنها من لعب دور أكبر في الساحة الدولية، وفي الصراع على قيادة هذه الساحة، أو على الأقل الظهور بمظهر القطب المنافس في عالم متعدد الأقطاب باتت معالمه تتضح أكثر فأكثر ويوماً بعد يوم.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …