بقلم: رندة تقي الدين – النهار العربي
الشرق اليوم – قررت مجموعة مصدري النفط “أوبك +” يوم الأحد زيادة حصص إنتاج أعضائها 400 ألف برميل في اليوم شهرياً بدءاً من شهر آب (أغسطس) المقبل حتى الانتهاء التدريجي من تعديل الإنتاج بـ 5.8 ملايين برميل في اليوم من أيلول (سبتمبر)، نظراً الى ما رأته المجموعة من تحسن في أسس السوق النفطية العالمية. وتم التوافق على تعديل مستوى أساس الإنتاج للسعودية وروسيا الى 11.5 مليون برميل يومياً لكل منهما كما تم التوافق على زيادة خط الأساس لإنتاج الإمارات إلى 3.5 ملايين برميل في اليوم بدلاً من 3.17 ملايين برميل ابتداء من أيار (مايو) 2022.
لقد كان جلياً من كلام وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الذي قال مرات عدة في المؤتمر الصحافي إن “الروابط بيننا أكثر بكثير من أي اختلاف في الرأي أو من أمور أخرى” ووافقه الرأي وزير النفط الإماراتي سهيل مزروعي لدى سؤال الأمير عبد العزيز: “ألا توافق يا سهيل؟” فأجابه: “مئة في المئة”، إن مصالح مجموعة “أوبك +” وحماية سعر النفط أقوى من أي اختلاف في الرأي. وقد جهد الأمير عبدالعزيز من أجل توصل المجموعة الى الاتفاق لأن الجميع فيها يتطلع الى حماية سعر النفط بمستويات الكل بحاجة إليها. فلو ساد الانقسام ضمن المجموعة وذهبت كل دولة لتنتج كما تريد وتغرق الأسواق التي ما زالت تتعافى من تداعيات أزمة كورونا التي أبطأت الاقتصاد العالمي وأدت الى تقليص كبير للطلب على النفط بسبب توقف التنقل في العالم وتوقف النشاط الاقتصادي، لكانت أسعار النفط انهارت مجدداً مثلما حدث منذ سنوات قليلة عندما انخفض سعر البرميل إلى 35 دولاراً.
وكان سعر برميل برنت الأسبوع الماضي نحو 73.59 دولاراً. وارتفعت أسعار النفط عموماً في الأشهر الأخيرة. ويتيح الاتفاق الذي تم في فيينا لمجموعة “أوبك +” أن تعود تدريجياً إلى تعويض الإنتاج الذي كانت خفضته بعد أزمة كورونا، خصوصاً أن كل أرقام تقارير “أوبك” الاقتصادية ووكالة الطاقة الدولية تتوقع زيادة في الطلب العالمي على النفط إلى مستويات كانت قبل كورونا نحو 100 مليون برميل في اليوم مع نمو الطلب على النفط في أميركا والصين والهند.
وأكد الوزير السعودي أن المجموعة ستبقى متنبهة بحذر كبير لتطور الطلب على النفط في العالم، خصوصاً أنها ستعقد اجتماعات شهرية للنظر في تطور السوق واحتمال عودة النفط الإيراني إذا تم الاتفاق على الملف النووي مع الولايات المتحدة. كما أكد الوزير السعودي الذي يرأس الاجتماع أن كل ذلك يتم بحثه في ضوء التطورات. وكان لافتاً أن وزير النفط الروسي الكساندر نوفك الذي تغيب عن الاجتماع لأسباب طارئة بعث برسالة مكتوبة إلى رئيس الاجتماع الأمير عبدالعزيز بن سلمان ليقول له أنني أتبنى كل ما تقوله. وعرض الأمير الرسالة خلال المؤتمر الصحافي لإظهار التنسيق التام بين السعودية وروسيا أكبر منتجين للنفط في العالم وفي “أوبك+”.
هذا التوافق والتنسيق المستجدين بين البلدين أساسيان لأسواق النفط العالمية ولحماية أسعار النفط. أما بالنسبة إلى ما تردد من أن الإمارات أصبحت في مرحلة الانتقال من النفط إلى الطاقات المتجددة وأن ذلك كان سبب رفضها الاتفاق الشهر الماضي فأوضح المزروعي أن مرحلة انتقال الطاقة في الإمارات مهمة جداً في استراتيجية الإمارات، ولكن أيضاً مكانة النفط وأهميته لتلبية حاجات العالم تبقيان مهمتين جداً للبلد. وأشار في هذا الصدد الأمير عبدالعزيز إلى جهود المملكة في تطوير مرحلة الانتقال إلى الطاقة للطاقات المتجددة.
وهكذا كرس اجتماع “أوبك+” تجاوز الاختلاف في الرأي بالنسبة إلى أرقام الإنتاج في سبيل حماية مصالح المجموعة التي حرصت على إظهار وحدة الصف بعد كل ما قيل عن خلافات بين السعودية والإمارات. وأثبت قرار أمس أن ما قاله وزير النفط السعودي هو الواقع وأن الروابط بين دول أعضاء المجموعة أقوى من أي شيء آخر، فمصالحها تقتضي حماية مستوى معقول لسعر النفط بالنسبة إلى موازناتها.