الرئيسية / مقالات رأي / Bloomberg: كيف سيبدو الوضع الطبيعي الجديد بعد انحسار وباء كورونا؟

Bloomberg: كيف سيبدو الوضع الطبيعي الجديد بعد انحسار وباء كورونا؟

BY: Michael R. Strain

الشرق اليوم – مع انحسار جائحة فيروس كورونا المستجد في معظم أنحاء الولايات المتحدة، ظهرت بعض التغيرات الدائمة والمؤقتة التي أحدثها الوباء، وتتمثل إحدى طرق التفكير في هذه التغيرات هو تحليل توازن القوى بين ذوي المصالح المتنافسة: أرباب العمل والموظفين، المشترين والبائعين، الأطباء والمرضى، وكذلك السؤال عن التغيرات التي كانت جارية بالفعل قبل الوباء، ومعرفة ما إذا كان من المحتمل أن تتزايد هذه التغيرات أو أنها ستتوقف.
وقد كان عالم ما قبل الجائحة يسير وفقًا للوضع الذي كان عليه لأسباب محددة، وستؤكد هذه الأسباب نفسها مع عودة الحياة إلى طبيعتها، ولنأخذ العمل عن بُعد كمثال، فهو قد يكون ترتيبًا رائعًا للعديد من الموظفين، مما يمنحهم مزيدًا من التحكم في وقتهم، ويسمح لهم بتجنب التنقل بالمواصلات، كما أنه قد يكون أمرًا رائعًا للعديد من أصحاب العمل أيضًا، حيث يتيح لهم توفير إيجار أو شراء العقارات المكلفة، مع الحفاظ على وجود قوة عاملة منتجة.
ولكني أشك في أن هذا هو الطريق الذي سيستمر في المستقبل، وذلك لأنه عادة ما يتنافس الموظفون مع بعضهم البعض، وأولئك الذين يتطلعون إلى تطور مسارهم المهني سيقضون وقتًا أكبر في المكتب، مع العلم أيضًا أن العلاقات المهنية الأعمق يمكن أن تؤدي إلى فرص وتقدم أفضل، وهو ما سيؤدي إلى الضغط على العمال الآخرين لفعل الشيء نفسه.
ويمكن لنفس الديناميكية التنافسية أن تؤدي لاستمرار السفر من أجل العمل بمستويات قريبة من مستويات ما قبل الجائحة، حيث سيسافر عدد أقل من الناس من نيويورك إلى لوس أنجلوس لحضور اجتماعات من أجل العمل، ولكن بالنسبة للعديد من المهن، فإن ركوب الطائرة والسفر لمقابلة مورد أو عميل أو زميل محتمل يعد وسيلة للتعبير عن أهمية هذا التفاعل.
فقد أدى وباء كورونا إلى تعليق هذه الديناميكية، لكنه لم يقضِ عليها، وعندما يتلاشى الفيروس فإنها ستعود من جديد، فأنا أعيش وأعمل في واشنطن، وسيكون وصولى إلى كاليفورنيا أصعب مما كان عليه من قبل، لكنى أظن أنني سأستمر في السفر بنفس القدر.
كما أدت جوانب أخرى من الحياة أثناء الوباء إلى تسريع الاتجاهات التي كانت موجودة مسبقًا، ولكن في بعض الحالات فإننى لا أعتقد أننا سنرى تغييرًا في هذه الاتجاهات، وذلك على الرغم من القوى التي ستدفع من أجل العودة إلى ما كانت عليه الأمور.
ولعل الطب عن بُعد هو مثال على ذلك، فعلى مدى سنوات، أصبح تلقى الرعاية الطبية الروتينية أسهل كثيرًا من خلال ابتكارات مثل العيادات الطبية الموجودة داخل متاجر البيع بالتجزئة التي يعمل بها ممرضون مرخصون لكتابة الوصفات الطبية.
ولكن انتشار الوباء قد أدى إلى تسهيل عمليات الكشف الطبي أيضًا، فقد أصبت بعدوى في الجيوب الأنفية في الخريف الماضي، وفي غضون ساعة واحدة كنت قد حجزت موعدًا، وأجريت استشارة طبية بالفيديو مع طبيب عبر الهاتف، وتسلمت الوصفة الطبية من صيدلية مجاورة.
وقد يشعر بعض الأطباء بالقلق إزاء عدم تفاعل المريض بشكل كافٍ في مثل هذه الاستشارات التي تتم عن بُعد، كما أنه ربما يقدمها الكثير من غير الأطباء، لكن الراحة التي تقدمها للمرضى، وزيادة الإنتاجية التي يتمتع بها قطاع الرعاية الصحية بفضلها تعنيان أن هذا التغيير سيبقى في مرحلة ما بعد الوباء.
أو لننظر إلى التجارة الإلكترونية، والتي شهدت نموًا كبيرًا وبات لها حصة من إجمالى مبيعات التجزئة على مدار العقدين الماضيين، فقد ارتفع معدل التسوق عبر الإنترنت خلال الوباء، وصحيح أنه قد تراجع قليلًا في الصيف الماضي، لكنه ظل أعلى من اتجاهه السابق لانتشار الفيروس.
والآن بعد أن أصبح التسوق في المتاجر التقليدية آمنًا، سيحاول تجار التجزئة التقليديون جذب العملاء مرة أخرى، وسينجحون في ذلك إلى حد كبير، حيث سيستمتع العديد من المستهلكين الذين كانوا قلقين من التسوق عبر الإنترنت قبل الوباء بهذه التجربة.
وأعتقد أن الأمر سيبدو وكأنه مهارة مكتسبة، ولنأخذ التسوق لشراء الملابس مثالاً على ذلك، فبدلاً من تجربة الملابس في المتجر واختيار القطع التي تعجبك، فسيكون بإمكانك شراء الكثير من الملابس عبر الإنترنت وتجربتها في المنزل وإعادة القطع التي لا تريد الاحتفاظ بها، وصحيح أن ذلك قد يبدو غريبًا في البداية، ولكن بمجرد أن تتعلم كيفية القيام بالأمر ستصبح التجارة الإلكترونية أكثر جاذبية
كما أننى أرى أن تناول الطعام في الهواء الطلق سيكون في فئة التغييرات الكبيرة التي ستستمر، حيث تعلمت العديد من المطاعم تقديم وجبات الطعام في الهواء الطلق، واستثمرت في شراء الخيام وغيرها من المعدات التي جعلت تناول الطعام في الهواء الطلق ممتعًا، ولولا الوباء لما كان هذا ليحدث على الأرجح.
وكذلك الذهاب إلى العمل عند المرض هو عادة أخرى من المحتمل أن تنتهي بسبب الوباء، حيث سيفكر الشخص مليًا قبل الذهاب إلى العمل إذا كان مصابًا بحمى خفيفة أو في حال كان يعاني من بعض السعال.
ولكن هل سيغير الوباء الطريقة التي نعيش ونعمل بها، أم هل ستعود الحياة إلى طبيعتها؟ هذه أسئلة كبيرة، كبيرة جدًا، ولمعرفة ما الذي سيبقى وما الذي لن يستمر، فإنه يتعين علينا النظر إلى القوى الأعمق التي أدت إلى أن تكون الأمور على ما كانت عليه قبل الفيروس، فقد شكلوا الحياة من قبل، وسيشكلونها بعد الوباء.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …