بقلم: عبدالعزيز اليوسف – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – حين تنغمس في تاريخ عمان ستوافيك علامات مميزة من الأصالة والتوهج، وستجد أن تاريخ المجد يتحرك بسمو عبر تعاقب سلاطين عمان على حكمها.
من هنا كانت السياسة العمانية سياسة معتدلة، جعلت المصلحة القومية المسطرة الفاعلة في مسيرة الحكم العماني، اليوم تمثل عمان عمقاً استراتيجياً متوازناً يمثل دائرة الميزان السياسي، فتتصف بالهدوء التام وصناعة مساحات الإصلاح في المنطقة.
2040 تتجسد في هذا التاريخ رؤية عمانية طموحة شاملة واعية لمتطلبات الإنسان العماني وكذلك المقيم على أراضيها، ومتناغمة تماماً مع تطلعات الحكومة الموقرة هناك، للاستفادة من مقومات ومقدرات الدولة العمانية، ومستثمرة لإمكانات المواطن العماني الذي يسعى إلى دولة الرفاهية والقوة، ليحظى بنصيب وافر من التنمية والازدهار.
وهذا ما تتجه إليه عمان بقيادة السلطان هيثم بن طارق ورجاله المخلصين حوله ومن خلفه الشعب العماني الكريم، وذلك من خلال فتح آفاق التعاون والتنسيق والتبادل المنفعي مع الدول الإقليمية وغيرها -والمملكة بما تمثله من قوة سياسية واقتصادية وتجارية تعد الخيار الأمثل والأولى، وكذلك عمان- الذي يمكن أن يسهم في صناعة رؤى وتفاهمات مثالية لمصلحة الدولتين، من هنا كانت تلك الزيارة الفخمة للسلطان هيثم، بترحيب فاخر ومستحق من خادم الحرمين الشريفين الذي يملك الود الجميل لأشقائه في دول مجلس التعاون خاصة والدول العربية كافة، ولديه الأفق الواسع الذي يسهم في تسهيل مهمة التعاون، والوصول إلى نتائج طيبة ورائعة بين البلدين، مبنية على الالتزام والتقدير وتفهم المصالح المشتركة.
عمان شريك إقليمي مهم في عدد من ملفات المنطقة، لأنها المحور المتوازن بين أطراف الحراك الإقليمي في منطقة الخليج العربي بالذات، وهي الواجهة والنافذة المشرقة على المحيط الهندي، ما يجعل عمان في موقع استراتيجي وجغرافي وسياسي له تأثير كبير عند تداول بعض الملفات الإقليمية، وكذلك يمكن لعمان الشموخ أن تمثل القوى الإقليمية بأدوات موضوعية وحيادية تساعد على صنع بيئات خصبة من السلام والهدوء عند كثير من الأنشطة السياسية الساخنة.
المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان تحققان من خلال هذه الزيارة الكبيرة تطلعات الشعبين في تحقيق الأهداف العظيمة للبلدين، واستفادة كل طرف من إمكانات وأدوات الآخر فيما قد تواجهه المنطقة من ملفات سياسية أو اقتصادية متشابكة.
ولا شك أن الحظوة الكبيرة والمستحقة التي لقيها سلطان عمان من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، وكونها الزيارة الأولى للسلطان خارج عمان، لهما برهانان واضحان على رسوخ المودة وعمق الإكبار بينهما وبين الشعبين الكريمين، ومؤشر مهم لكل مراقب أن السعودية هي الوعاء السياسي الخليجي والعربي الكبير الذي يتسع لكل القضايا المصيرية والمشتركة بين كل طرف، وأن عمان منطقة التوازن الإقليمي في كثير من الملفات الصاخبة.
ويبقى القول: عمان هي سلطنة السياسة، وفي ضوء رؤيتها الطموحة ستكون في مصاف الدول المتقدمة، وفي ظل حكم هذا السلطان المثقف ستبقى عمان أبية وشامخة ومعززة بالقيم الخليجية ووحدة المصير المشترك، وستكون بعون الله أيقونة حالمة على وسادة المحيط الهندي محتشدة بالأناقة والتطور والرقي.