الرئيسية / مقالات رأي / بطل الثورة الإيرانية.. أميركي!

بطل الثورة الإيرانية.. أميركي!

بقلم: أ.د. هشام العوضي – صحيفة “القبس”

الشرق اليوم – «الموت لأميركا» و«الشيطان الأكبر»، مفردات اعتدنا سماعها من إيران. عداء تأصّل بين الدولتين منذ أكثر من خمسين عاماً. ولكن التاريخ يحكي قصة مختلفة. هناك أميركي واحد، يجمع الإيرانيون على حبّه واحترامه، هو هاورد باسكرفيل. في عام 2005، أزاح الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الستار عن تمثال نصفي لباسكرفيل في احتفالية كبيرة. فما هي قصته؟

باسكرفيل شاب من ولاية نبراسكا، جاء لتدريس مادة التاريخ في مدرسة خاصة في تبريز عام 1907. في تلك الفترة، شهدت إيران صراعا حادا بين السلطة والمعارضة المطالبة بالدستور. كان الدستوريون متأثرين بالثورات الدستورية، ومنها الثورة الأميركية في عام 1776. تحقق حلم المجلس النيابي الإيراني في 1906. غير أن مجيء شاه جديد للسلطة، أدى إلى إعادة اندلاع الثورة. قاومت تبريز سلطة الشاه، الذي فرض عليها حصارا شديدا، عرّض سكّانها للمجاعة.

شاهد باسكرفيل قضية مشتركة بين ثورة الدستوريين، وثورة الأميركيين. رفض أن يظل مراقباً، وانضم إلى الثوّار. أثار موقفه استياء القنصل الأميركي، الذي ذكرّه بأنه كمواطن أميركي لا يحق له التدخل في شؤون إيران المحلية. رد باسكرفيل بالقول «أنا مواطن أميركي، وأفتخر بذلك. لكنني إنسان أيضاً، ولا يسعني إلا الشعور بالتعاطف مع أهالي المدينة. لا يمكنني أن أشاهد بلا مبالاة معاناة شعب يناضل من أجل حقّه». وأضاف «إن الاختلاف الوحيد بيني وبين هؤلاء هو محل ولادتي، وهذا ليس فرقاً كبيراً».

بعد عشرة أشهر من الحصار، بدأ سكّان تبريز يعانون من المجاعة. قاد باسكرفيل مجموعة من المقاومين لخرق الحصار، وتهريب الطعام. في إحدى المحاولات، طاله قنّاص السلطة برصاصة اخترقت صدره. دُفِن باسكرفيل في تبريز، عن 24 عاماً فقط. محسن رحيمي، مدرّس في تبريز، قال: رغم مرور السنين على رحيل باسكرفيل، إلا أن شعبيته في ازدياد. وأضاف رحيمي: سيبقى في قلوبنا وعقولنا بطلاً حقيقياً.. وقف ضد القمع، بالرغم من عدد العدو. في كل شهر مارس أو أبريل، يتدفق الإيرانيون على تبريز لزيارة أسواقها التقليدية، ومساجدها الحمراء والفيروزية. يحرص أغلبهم على وضع إكليل من الزهور على قبره في المقبرة الآشورية. في البازار الكبير، يجلسون في المساء في مقهى باسكرفيل الشهير. أما أسفل نصف التمثال الذي افتتحه خاتمي، فقد كتب بالنقش الفارسي: باسكرفيل.. وطني.. وصانع تاريخ.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …