BY: MAX BOOT
الشرق اليوم – بعد سقوط جنوب فيتنام عام 1975، دار جدل حاد حول من خسر حرب فيتنام، واشترك الكثير في الجيش والحزب الجمهوري في أسطورة “الطعن في الظهر”، وألقوا باللوم على السياسيين ووسائل الإعلام في منعهم المفترض للقوات المسلحة من هزيمة فيتنام الشمالية. من ناحية أخرى، جادل العديد من الليبراليين بأنها حرب ما كان ينبغي للولايات المتحدة أن تخوضها وما كان يمكن أن تكسبها.
أفغانستان لم تضِع بعد، ولكن مع تقدم حركة “طالبان” بسرعة فإن الجدل حول من “خسر أفغانستان؟” قد بدأ بالفعل وبدأت معه لعبة التلاوم.
فقد بدأ الجمهوريون، متجاهلين أن الرئيس السابق دونالد ترامب، هو الذي بدأ الانسحاب، يلومون الرئيس جو بايدن، على “كارثة تختمر”. ودافع بايدن عن نفسه الأسبوع الماضي بالادعاء أننا حققنا “أهدافنا بالقضاء على الإرهابيين..”.
ولام مستشار الأمن القومي لترامب الجنرال المتقاعد إتش آر ماكماستر، وسائل الإعلام على “عدم الاهتمام والانهزامية لتهيئة ظروف الاستسلام”، في حين جادل مضيف شبكة “إم إس إن بي سي” (MSNBC) مهدي حسن بأن “الغزو الأصلي نفسه كان بمثابة غضب، بالنظر إلى أنه لم يكن هناك أفغان على متن أي من الطائرات الأربع”، إشارة إلى الهجمات على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول 2001.
ومع ذلك فإن هناك الكثير من اللوم الذي يجب إلقاؤه، فيما من المحتمل أن نتذكره على أنه الحرب الكبرى الثانية، بعد فيتنام، التي خسرتها الولايات المتحدة، لكن لا ينبغي أن يقع جله على عاتق الإعلام.
إن اللوم الحقيقي يقع بشكل مباشر على السياسيين والجنرالات، أميركيين وأفغانا، وقد ارتكب تعاقب رؤساء أميركا خطأ تلو الآخر.
إن الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، كان محقا في الذهاب إلى أفغانستان (حيث نشأ الهجوم، حتى لو لم يكن هناك أفغان على متن طائرات 11 سبتمبر)، لكنه كان مخطئا عندما دخل في حرب اختيارية في العراق. وتفاوض ترامب على اتفاق لا يطالب طالبان بأي شيء مقابل الانسحاب الأميركي.
لا يمكن للجيش الأميركي الإفلات من اللوم في هذا الفشل الذريع، كما أشارت سلسلة “أوراق أفغانستان” في صحيفة واشنطن بوست، فقد فشلت القوات الأميركية في “بناء جيش أفغاني وقوة شرطة كفؤة” أو في قول الحقيقة حول مدى سوء الحرب.
كما أن السياسيين وقادة الجيش الأفغان ملامون وما فعلوه كان أسوأ من نظرائهم الأميركيين نظرا لضعف القيادة والفساد المستشري. لكن إن هذا الخلل الوظيفي والفساد في الطبقة السياسية الأفغانية يغريان أميركا ببساطة لنفض يديها عن أفغانستان، كما يفعل بايدن الآن من خلال الإيحاء بأننا فعلنا ما يكفي والآن الأمر متروك لهم. وإن كان هناك منطق في هذه الحجة، لكن في أفغانستان الولايات المتحدة نفسها متواطئة في سوء الحكم، تماما كما كانت في جنوب فيتنام.
يمكننا القول إن حرب العصابات لا تسود بالقتال بل بالتغلب على عدو أقوى، وهذا ما فعلته “طالبان” بالضبط، فهي لم تهزم بعد الحكومة في كابل، لكنها هزمت بالفعل الحكومة في واشنطن، ومن ثم فليبدأ تبادل الاتهامات المضادة وتوجيه أصابع الاتهام. وإذا كانت فيتنام مؤشرا، فإن “لعبة التلاوم” في أفغانستان قد تعكر صفو السياسة الأميركية لعقود مقبلة.
ترجمة: الجزيرة