بقلم: صدقة يحيى فاضل – عكاظ
الشرق اليوم- إن أهم ما يبرهن حيازة إسرائيل للأسلحة النووية، هو المنشآت النووية الإسرائيلية الحالية، وطبيعة ما يجري داخل هذه المنشآت… إذ إن وضع هذه المنشآت، والنشاط الفعلي المريب الذي يتم فيها، يؤكدان – بما لا يدع مجالاً للشك – امتلاك إسرائيل لأفتك أسلحة الدمار الشامل – السلاح النووي. وفي مقال اليوم، نوضح – بإيجاز – هذا الأمر تقنيا.
معروف، أن هناك طريقتين لصنع متفجرات (قنابل) نووية هما: (أ) – طريقة اليورانيوم: حيث تصنع القنبلة النووية من اليورانيوم عالي الخصوبة (U – 235). توجد في اليورانيوم الطبيعي (U-238) نسبة ضئيلة جداً من اليورانيوم (U-235) تقدر بـ0.7% فقط. وبذلك، لا بد من عملية «تخصيب» أو «إغناء»، تتم على اليورانيوم الطبيعي لرفع نسبة محتوياته من «اليورانيوم – 235» (U-235) إلى درجة 85% على الأقل، حتى يمكن استخدام المستحضر الجديد في صنع القنابل. وهذه العملية تستلزم إقامة منشآت تخصيب بالغة التكلفة والتعقيد.
(ب) – طريقة البلوتونيوم: يتم استخلاص معدن «البلوتونيوم – 239» (Pu – 239) من الوقود المستهلك للمفاعلات النووية العادية. حيث إن هذا المعدن بالذات لا يوجد في الطبيعة… ويكون «البلوتونيوم» المستخرج بهذه الطريقة جاهزا لاستخدامه (مباشرة) في صنع القنابل النووية.
وبتطبيق هذا المدخل (التقني) على النشاط النووي الإسرائيلي، سنجد أن إسرائيل قد أصبحت قوة نووية منذ حوالى أربعة عقود. ولإثبات ذلك تقنيا، لنبدأ بمحاولة معرفة مدى تمكن إسرائيل من حيازة السلاح النووي، عبر «طريق البلوتونيوم». إذا أخذنا في اعتبارنا مفاعل «ديمونا» الإسرائيلي فقط، سنجد أن هذا المفاعل هو مفاعل ماء ثقيل ينتج، في وقوده المستهلك كمية من البلوتونيوم سنويا… يتم استخلاصها، بواسطة معمل لاستخلاص البلوتونيوم، يوجد ضمن محطة «ديمونا» النووية. حيث ينتج ذلك المفاعل المهترئ سنوياً 4-6 كيلوجرامات من البلوتونيوم… وبما أنه لا توجد أية رقابة أجنبية على أي جزء في «ديمونا»، فإن هذه الكمية من البلوتونيوم تكون في يد إسرائيل، لتتصرف بها كما تشاء…؟! لقد بدأ تشغيل مفاعل ديمونا في مطلع سنة 1964. وبذلك، يكون قد تم تشغيله لمدة ست وخمسين سنة بانتهاء عام 2020. فلو افترضنا أن مفاعل «ديمونا» ينتج 5 كيلوجرامات من البلوتونيوم في العام الواحد، فإن ذلك المفاعل سيكون (بانتهاء سنة 2020) قد أنتج ما مجموعه (245) كيلوجراما من البلوتونيوم، الممكن استخلاصه من وقود المفاعل المستهلك (56× 5 = 280 كجم). وهذا البلوتونيوم يكون جاهزاً لاستخدامه مباشرة لصنع المتفجرات النووية، التي يكون من السهل جداً تصميمها، بعد الحصول على هذه المادة.
وبما أنه يحتاج إلى 4 كجم فقط من مادة البلوتونيوم (Pu -239) هذه (أو البلوتونيوم ذي الصلاحية لصنع متفجرات نووية) لصنع قنبلة نووية واحدة ذات قدرة تدميرية صغيرة (20 كيلو طنا – أي نفس القدرة التدميرية للقنبلة الذرية الأولى التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية) فإنه يمكن القول إن إسرائيل قد صنعت (حتى الآن) 70 (سبعين) قنبلة نووية… حجم كل منها 20 كيلو طناً (280÷4 = 70 قنبلة تقريباً، في حجم قنبلة هيروشيما)… هذا إذا افترضنا أن المنشآت الإسرائيلية الأخرى لم تستخدم لغرض عسكري هي الأخرى. إذ إن تقديرنا هذا هو من أقل التقديرات، عكس تقدير صحيفة «صنداي تايمز»، الذي قد نتحدث عنه فيما بعد.
أما عن طريق اليورانيوم (المخصب)، فالأمر أدهى وأخطر… فإسرائيل تمتلك مصنعاً لتخصيب اليورانيوم يقع ضمن منشآت «ديمونا» النووية، وذلك المصنع قادر على تخصيب وإغناء اليورانيوم إلى درجة 90% من اليورانيوم – 235. وتحتاج هذه الطريقة بالطبع، إلى كميات كبيرة من اليورانيوم العادي. وقد حصلت إسرائيل على كم كبير منه… بل ومن المخصب إلى درجة عالية أيضاً. فهناك بعض الاحتياطيات لليورانيوم في صحراء النقب. كما استخلصت إسرائيل قدراً من اليورانيوم من فوسفات البحر الميت. غير أن الكميات الأكبر من اليورانيوم الذي احتاجته إسرائيل لصنع أسلحتها النووية (عبر هذا الطريق) أتت عن طريق السرقة من منشآت غربية، وعن طريق الاستيراد من الغرب، ومن حكومة جنوب أفريقيا العنصرية.
وكما ذكرنا سابقاً، يقدر عدد الرؤوس النووية التي تملكها إسرائيل الآن، بحوالى 260 رأسا. ويعتقد أن معظم هذه الرؤوس قد تم صنعها عبر طريق اليورانيوم. ويصبح هذا الاعتقاد صحيحاً، إذ كان تقديرنا لما تملكه إسرائيل من قنابل نووية، حصلت عليها عبر طريق البلوتونيوم (70 قنبلة) قريباً من الصحة.
والخـــلاصـة، أن إسرائيل هي (فعلاً) دولة نووية، وإن حاولت أن تظهر (رسمياً) على غير ذلك، أو تثير الغموض المقصود على وضعها النووي. إذ لا ينقص إسرائيل حتى تكتسب صفة الدولة النووية (دوليا) سوى التصريح الرسمي، وقيامها بإجراء تجربة نووية في مكان ما. ولا شك أن هذا السلاح موجه (أساساً) ضد الأمة العربية. وربما يكون ذلك هو السبب الرئيس لصمت القوى الدولية المتنفذة تجاه برنامج إسرائيل النووي، في الوقت الذي تقيم هذه القوى الدنيا، ولا تقعدها، تجاه حتى البرامج النووية السلمية في العالم النامي…؟!