الشرق اليوم – انطلقت، مساء أمس الخميس، جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة أزمة “سد النهضة” الإثيوبي، والتي تجري بدعوة من كل من مصر والسودان.
وقال مندوب تونس بمجلس الأمن الدولي، المنصف البعتي، إن هناك حاجة ماسة لوجود آلية تنسيق بين الدول المعنية بأزمة سد النهضة، مضيفا، “لا نعتقد أن الوصول إلي حل بين الدول الثلاث أمر مستحيل”.
وتابع، “علي إثيوبيا إن تتوقف عن اتخاذ اية مواقف أحادية، ولابد من تشجيع الدول الثلاث لاستئناف المفاوضات للتوصل إلى الاتفاق المنشود”.
وأشار إلى أن بلاده تأمل في أن تساهم هذه الجلسة في دفع حاسم لمسار مفاوضات “سد النهضة”، منوها إلى أن هناك حاجة ملحة للاتفاق على استغلال موارد النهر دون الإضرار بمصالح وحقوق دولتي المصب مصر والسودان.
من جانبه قال مندوب كينيا، في المجلس، إن قلق مصر والسودان بشأن أضرار “سد النهضة” الإثيوبي “مشروع”، داعيا إلى عودة التفاوض في إطار الاتحاد الأفريقي.
وقالت مندوبة الولايات المتحدة، إن القرن الأفريقي يمر بمرحلة عصيبة، وإن الأسابيع والأشهر المقبلة ستؤثر على المدى الطويل على شعوب المنطقة، مشيرة إلى أن بلادها ملتزمة بمعالجة الأزمات الإقليمية المتشابكة.
مؤكدة التزام واشنطن بدعم القرن الأفريقي المستقر، إلى جانب استعدادها لدعم جهود التعاون البناء من إثيوبيا ومصر والسودان، لتسوية الخلافات حول السد، مضيفة أن الخلاف حول “سد النهضة” يمكن أن يُحل بشكل منصف.
وأوضحت أن ذلك يبدأ باستئناف مفاوضات حقيقية، والتي لا بد أن تنعقد تحت إطار الاتحاد الأفريقي، على أن تبدأ على نحو عاجل وألا تستند إلى إعلان المبادئ لعام 2015.
كما دعت كافة الأطراف إلى الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو اتخاذ أي خطوات قد تهدد المفاوضات، والالتزام بالتوصل إلى حل مقبول للجميع، والذي يمهد الطريق نحو التفاوض حول تنمية الموارد المائية وتحقيق التكامل الاقتصادي.
وقال مندوب المكسيك، “نقر بأهمية النيل لكسب سبل العيش وتحقيق الرفاهية لشعوب الدول الثلاثة، ولذا نتفهم أن هذه المسألة قد ينظر إليها من مناظير متعددة؛ سياسية واقتصادية وأمنية، ويجب أن نراعي هذه الجوانب الثلاثة”.
من جانبه شدد مندوب الهند في مجلس الأمن، على أن استخدام مياه النيل يجب أن يحقق المصالح المشتركة لدول المنبع والمصب في إطار اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه بين الدول الثلاث.
وأكد ممثل فيتنام في المجلس على أهمية، تعزيز دور القانون في استخدام المجاري المائية العابرة للحدود، من خلال تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة المعنية في هذا الشأن.
وأضاف أن بلاده تدعم جهود الأطراف المعنية بالاستخدام المنصف والمعقول للموارد المائية، بما في ذلك من خلال التعاون والمشاورات والمفاوضات بشأن مشروع “سد النهضة”.
وتابع “في ظل الوضع الهش حاليا في المنطقة، من الأهمية محافظة الأطراف المعنية على مبدأ تسوية النزاعات بالسبل السلمية والمفاوضات الحقيقية، والاتسام بروح حسن الجوار”.
فيما قال مندوب إستونيا، إنه يعتقد أنه ليس هناك حل سهل لتسوية هذا النزاع، مؤكدا في الوقت ذاته رفض أى حل فردى لهذا النزاع، وشدد على أهمية الحل السلمي لأزمة “سد النهضة” الإثيوبي.
من جانبه قال ممثل بكين في المجلس، إن مصر والسودان وإثيوبيا في مرحلة مهمة في المفاوضات، مع الإقرار بالدور الأساسي لنهر النيل في كسب سبل العيش للدول الثلاثة.
مشددا على أهمية التعاون ومعالجة أي مشاكل عن طريق الحوار والمشاورات كي يمكن للدول المشاطئة الاستفادة من النهر، وتؤمن الصين أنه من خلال الجهود المشتركة يمكن استكمال السد، الذي قد يصبح مشروعا تنمويا يعزز الثقة المتبادلة والتعاون.
وأضاف أن الصين تلي السد أهمية قصوى، وتقدر توقيع الدول الثلاثة على إعلان المبادئ في عام 2015، كما تقدر الدور الذي لعبه الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد.
وقال مندوب فرنسا بمجلس الأمن ورئيس المجلس لشهر يوليو/ تموز، إن الدول الثلاث تقدمت إلي مجلس الأمن لتجنب التصعيد فيما بينهم، ودعاهم لتقديم الإرادة السياسية لتسوية النزاع، مشيرا إلى أن ملء السد بشكل منفرد أحدث قلقا كبيرا لدى مصر والسودان.
وأضاف، أن مسؤولية مجلس الأمن تكمن في تفادي إطالية النزاعات وتحولها إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين، لذا من المهم عقد مثل هذه الجلسة، مؤكدا أن كل الأطراف لديها مصالح مشروعة، لكن بعد 10 أعوام من المفاوضات تبددت الثقة.
وتابع المندوب، أن مواصلة ملء السد تفاقم التوترات في حين أن الاستقرار الإقليمي هش بالأساس، منوها إلى أن الأولوية تكمن في تفادي تكثيف التحديات المفروضة أصلا على البلاد، مشيرا إلى أن السودان يسعى وراء التحول الديمقراطي وأن مصر تحاول تلبية احتياجات شعبها كما تشهد إثيوبيا توترات داخلية لا سيما في إقليم تيغراي.
الجانب المصري
وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكرى، إن بلاده تواجه تهديدا وجوديا بسبب “سد النهضة”، مضيفا أن إثيوبيا بنت كيانا هائلا على الشريان الذي يمدها بالحياة.
وتابع أن مصر أتت إلى مجلس الأمن العام الماضى للتحذير من “هذا الخطر المحدق”، وشرعت إثيوبيا دون مراعاة للقوانين بالملء المنفرد لسد النهضة.
وأشار إلى أن مصر سبق وحذرت من مغبة السعي لفرض السيطرة والاستحواذ على نهر تعتمد عليه للبقاء، مضيفا أنه إذا تضررت حقوق مصر المائية أو تعرض بقاؤها للخطر فلا يوجد أمامها بديل إلا أن تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة.
منوها أن إثيوبيا لم تكن دولة محتلة ولم توقع أى اتفاق بشأن النيل رغما عنها كما تزعم، وأنها تتعامل وكأنها تمتلك حقوقا حصرية لنهر النيل، وقال إن “السلوك الإثيوبي الفج يعكس انعدام المسئولية وعدم المبالاة ويجسد سوء النية الإثيوبية”.
وأضاف شكري، “انخرطنا على مدار عام كامل في مفاوضات عقدها وأدارها أشقاؤنا الأفارقة من أجل صياغة حل أفريقي لهذه الأزمة الكؤود. لكن بعد عام من المفاوضات غير المثمرة نجد أنفسنا مجددا في مواجهة المسلك الإثيوبي الأحادي بملء السد دون اتفاق”.
وأوضح أن بلاده ناشدت مجلس الأمن العمل بكل جهد ودأب لتجنب تصاعد التوتر الذي سيهدد السلم في إقليم هش.
وأردف بالقول إن “التعنت الإثيوبي” سبب الإخفاق المستمر لمفاوضات سد النهضة وإن أديس أبابا دأبت على تجاهل الحقائق الجغرافية، مضيفا أن بلاده ترغب فى اتفاق عادل يضمن حق دولتى المصب.
وتابع الوزير، أن “وزير خارجية إثيوبيا أعلن بعجرفة أن النهر تحول إلى بحيرة، وأن النيل ملك لهم”، مشيرا إلى أن رد فعل مصر إزاء هذا الاعتداء على النيل اتسم بضبط النفس واتباع درب السلم والسعي للتوصل لتسوية هذه الأزمة.
واستطرد قائلا، إن مصر ناشدت مجلس الأمن من أجل وضع حد لهذا التوتر، لكنها تجد نفسها مجددا أمام القرار الأحادي لأثيوبيا بالملء الثاني للسد.
وأضاف أن “قرار إثيوبيا الفج” يمثل سوء النية، وهذا النهج الإثيوبي و تصرفاتها الأحادية المستمرة يكشف أهدافها السياسية الحقيقية، ويهدد بتقويض الأمن والسلم في المنطقة.
ونوه شكري، إلى إن بلاده تثق في قدرة مجلس الأمن على اتخاذ ما يلزم من تدابير لمعالجة أزمة سد النهضة، مضيفا أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه يجب أن يكون منصفا وقانونيا، ويتضمن تدابير وإجراءات لتفادي تأثيرات سد النهضة على دولتي المصب خاصة في فترات الجفاف.
المصدر: سبوتنيك