بقلم: عبد اللطيف المناوي – المصري اليوم
الشرق اليوم – «كيف سيؤثر الانسحاب من أفغانستان على علاقة الولايات المتحدة مع الصين؟!».. كان هذا هو عنوان مقال منشور في مجلة «ذا أتلانتك» الأمريكية، كتبه ريتشارد فونتين وفانس سيرشوك، تناول فيه الكاتبان نقطة في غاية الأهمية، وتحديدًا تلك التي ستؤثر في موازين القوى عالميًا، وربما ستحدد مستقبلًا حالة الصراع بين بكين وواشنطن.
لقد أعلن بايدن عن أن هناك حاجة لإعادة توجيه اهتمام وقدرات الولايات المتحدة إلى أولويات السياسة الخارجية الأمريكية الأكثر إلحاحًا، والتي يأتي على رأسها المنافسة «الشديدة» مع الصين. ومن ثم كان من البديهي أن يتخذ الرئيس الأمريكي قرارًا منذ ما يقرب من شهرين بانسحاب القوات الأمريكية بشكل نهائي من أفغانستان.
ولكن هذا السبب يصفه البعض بأنه غير مقنع، حيث إن ملامح استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفغانستان لفترة ما بعد الانسحاب تثير الشكوك والغموض بشأن قدرة واشنطن على التنافس الفعال مع بكين.
لذا فإن البعض في أمريكا يعارض هذا القرار، خصوصًا الذين يرون أن ميزان القوى العالمي لن يتغير بمجرد إعادة انتشار آلاف من الجنود الأمريكيين المتمركزين في الدولة الأفغانية، حيث تشهد الإدارة الأمريكية حاليًا سلسلة من الأزمات التي تتطلب جهدًا دبلوماسيًا كبيرًا في محاولة لحلها. ومن بين هذه الأزمات نظر المسؤولين الأمريكيين في تأشيرات الهجرة الخاصة بحلفاء الولايات المتحدة من الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية ويخشون التعرض لانتقام حركة طالبان بعد إتمام الانسحاب، فضلًا عن المشاورات الجارية مع الحكومة التركية للقيام بدور في تأمين مطار كابول الدولي عقب الانسحاب، بالإضافة إلى عدم التمكن من الاتفاق مع دول آسيا الوسطى بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية لكي تكون على مقربة من أفغانستان.
كما لن تستطيع الولايات المتحدة كذلك تحقيق مدخرات من سحب القوات الأمريكية، حيث يبدو الترويج لهذا الهدف وهميًا للغاية، ولاسيما أن ما يبدو هو أن الإدارة الأمريكية ستستمر في إنفاق المزيد من الأموال، حيث تعهد الرئيس الأمريكي باستمرار تقديم دعم مالي يُقدر بمليارات من الدولارات للجيش الأفغاني بشكل سنوي، وفى هذا الشأن اقترحت الإدارة زيادة الميزانية المخصصة لدعم الحكومة الأفغانية.
وخلص المقال، الذي سلط عليه الضوء مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، إلى أنه ينبغي على إدارة بايدن أن تنظر في كيفية تعزيز قدرة الولايات المتحدة على التماسك الإستراتيجي، وليس فقط النظر في كيفية تحقيق المصالح الخاصة بحماية أمن الأمريكيين من الإرهاب، وسيكون من الصعب للغاية أن تركز واشنطن على المنافسة مع الحكومة الصينية، ومواجهة التهديدات النابعة من مبادرة «الحزام والطريق»، والأخرى التي تثيرها شركة هواوي في ظل السماح للتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود بإعادة إحياء نفسها مرة أخرى.
السياسة الأمريكية الحالية بحاجة إلى ترميم، وإلى مفكرين أكثر منهم أصحاب نفوذ.. هل يا تُرى ينجح بايدن في ذلك؟!