بقلم: دانيال هيميل
الشرق اليوم– إذا ثبتت التُهَم الموجّهة ضد منظمة ترامب، يعني ذلك أن هذه الشركة والمسؤول المالي فيها، آلن فايسلبرغ، متورطان بتهرّب ضريبي فاضح منذ أكثر من عشر سنوات.
ذكرت تقارير سابقة أن الجريمة المرتكبة في هذه القضية تتعلق بـ”المزايا الهامشية”، لكن هذه العبارة تعطي انطباعاً مغلوطا، فلا تواجه منظمة ترامب وفايسلبرغ اتهامات مرتبطة بالتحايل على بند تقني معيّن على هامش النظام الضريبي، بل إنهما متّهمان بانتهاك أحكام قانون الضرائب الأساسية بشكلٍ فاضح تزامناً مع حرمان ولاية نيويورك من مئات آلاف الدولارات.
من المعروف أن استعمال الموظف للسيارة التي تقدمها الشركة لأغراض شخصية يدخل في خانة الدخل الخاضع للضريبة، لكن وفق لائحة الاتهام الأخيرة، حصدت منظمة ترامب نحو 200 ألف دولار نتيجة استئجار سيارتَي “مرسيدس بينز” كي يقودها فايسلبرغ وزوجته، وبحسب لائحة الاتهام نفسها، أخفت منظمة ترامب وفايسلبرغ تلك المدفوعات عن الهيئات الضريبية.
هذا النوع من الممارسات يُدِخل الآخرين إلى السجن، فقد حُكِم على المصرفي الاستثماري ريتشارد جوزفبيرغ بالسجن أربع سنوات في 2007 لأنه دفع ثمن منازله في مقاطعة “ويستتشستر” ونيويورك وغرينتش وكونيتكت من حساب الشركة، ثم امتنع عن وضع تلك المدفوعات في خانة الإيرادات، كذلك، حُكِم على سيدة الأعمال المليارديرة الراحلة، ليونا هلمسلي، التي كانت صديقة ترامب قبل أن تصبح عدوته، بالسجن أربع سنوات نتيجة ارتكابها الجريمة نفسها، فقد جعلت شركتها تدفع نفقات ترميم مزرعتها في غرينتش ثم امتنعت عن الإبلاغ عن تلك المدفوعات. (أصبح المدعي العام الأمريكي رودولف جولياني الذي رفع دعوى فدرالية ضد هلمسلي محامي ترامب المستقبلي). بشكل عام، يُحاكَم مرتكبو هذه الأنواع من الجرائم الضريبية على المستوى الفدرالي، لكن تبقى المحاكمات التي تستهدف الاحتيال الضريبي ممكنة على مستوى الولايات أيضاً، ووفق لائحة الاتهام الصادرة حديثاً، خسرت ولاية نيويورك ضرائب بقيمة 345 ألف دولار كان يُفترض أن يدفعها فايسلبرغ، وعندما فتحت المدعية العامة في نيويورك، ليتيسيا جيمس، تحقيقها حول منظمة ترامب منذ أكثر من سنة، كانت دائرة الإيرادات الداخلية ووزارة العدل تخضع لسلطة ترامب شخصياً، فقد تسلم المدعون العامون في نيويورك هذه القضية إذاً في مرحلة لا تسمح لنظرائهم الفدراليين بالقيام بالمثل. تملك جيمس طبعاً دافعاً سياسياً قوياً لتوجيه اتهامات جنائية ضد أفراد وكيانات مرتبطة بأوساط ترامب، فخلال حملتها لتولي منصب مدعي عام ولاية نيويورك في عام 2018، قالت إن الرئيس حينها يُفترض أن يواجه اتهامات جنائية، وإذا نجحت جيمس في التغلب على رئيس سابق لا يحظى بأي شعبية في ولايته الأم السابقة، فستصبح المرشّحة الأوفر حظاً لاستلام منصب حاكمة الولاية في عام 2022. (لم تعلن جيمس بعد ترشحها لهذا المنصب، لكنها رفضت استبعاد هذا الخيار في الأسبوع الماضي).
قد تكون لائحة الاتهام الأخيرة جزءاً من استراتيجية مستهدفة لاستمالة فايسلبرغ واستعماله كشاهد ضد رب عمله السابق، لكن إذا ثبتت صحة الاتهامات الموجّهة ضد الشركة، فلن يبقى فايسلبرغ مجرّد متفرج بريء في المعركة القائمة بين جيمس وترامب، بل إن تلك الاتهامات توحي بأنه مسؤول مالي مخضرم في شركة تجارية واسعة وقد بذل قصارى جهده للتهرب من الضرائب وهو يواجه عواقب أفعاله الآن.
قد تكون هذه القضية مسيّسة بدرجة معينة إذاً، لكن إذا كانت الاتهامات صحيحة، فسنكون أمام عملية احتيال شاملة وسلوك إجرامي لا يدعو للشك. يُفترض ألا يدخل أحد إلى السجن لمجرّد أنه مرتبط بشخصية سياسية مثيرة للجدل، لكن يجب ألا تكون علاقته بهذه الشخصية سبباً كي ينجو بأفعاله أيضاً.
بالاتفاق مع صحيفة الجريدة