الرئيسية / مقالات رأي / ما بين أوروبا والصين

ما بين أوروبا والصين

الشرق اليوم- يبدو أن القمة الأوروبية الأمريكية التي عقدت في بروكسل خلال الشهر الماضي، والتي أراد الرئيس جو بايدن أن يبلغ أوروبا من خلالها أن “أمريكا عادت”، وأنها لن تتخلى عن دورها في حماية حلفائها، ومن ثم محاولته جر “القارة العجوز” إلى الموقع الأمريكي في المواجهة مع كل من الصين وروسيا، لم تفلح في ثني أوروبا عن انتهاج خط مستقل بخصوص علاقاتها الدولية، خصوصاً مع كل من موسكو وبكين، وذلك في تأكيد على الفصل بين مصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعلاقات مع البلدين.

 القمة الافتراضية عبر الفيديو التي عقدت على مدى ساعة بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهة والرئيس الصيني شي جين بينج من جهة ثانية، تشير إلى أن البلدين الأوروبيين، وهما الأكبر والأكثر تأثيراً والأهم دوراً في أوروبا ليسا على استعداد للتفريط بمصالحهما مع دول عظمى مثل الصين بناء على رغبة الرئيس الأمريكي، وبالتالي فإنهما يوجهان رسالة مباشرة إلى واشنطن بأن تضارب المصالح الأمريكية – الصينية، والصراع على المصالح والنفوذ والنظام العالمي، هما شأن لا يخص أوروبا التي تراعي في الوقت نفسه مصالحها مع الولايات المتحدة من دون أن تكون شريكة في المواجهة مع بكين.

 لقد تحدث القادة الثلاثة عن علاقات الاتحاد الأوروبي مع الصين، وناقشوا العلاقات الدولية، وأهمية احترام بعضهم، وتقليل الخلافات من خلال تعزيز الحوار، وأكدت المستشارة الألمانية الاستعداد للحفاظ على التواصل مع الصين بشأن المناخ والتنوع البيولوجي والتحديات الصحية واستئناف الرحلات الجوية. كما ناقش القادة الثلاثة المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني، ودعوا جميع الأطراف إلى اغتنام الفرصة التي تتيحها محادثات فيينا للتوصل إلى اتفاق. وفي حين دعا الرئيس الصيني إلى علاقات مستقرة ومتوازنة بين الدول الكبرى، فقد نقلت صحيفة “نيو تشاينا” عن شي قوله.. “إن أكثر ما تريده الصين هو أن تتطور بدلاً من أن تحل محل الآخرين”، في إشارة واضحة منه إلى أن الصين ترفض خوض صراع مع أية دولة، داعياً إلى توسيع التوافق والتعاون مع أوروبا. ونقلت وكالة أنباء “شينخوا” الرسمية عن شي دعوته أوروبا إلى أن تتمكن من توفير بيئة عادلة وشفافة وغير تمييزية للشركات الصينية بما يتوافق مع مبادئ السوق، معرباً عن أمله في أن يلعب الجانب الأوروبي دوراً إيجابياً في الشؤون الدولية، وأن يظهر حقاً استقلاله الاستراتيجي، وأن يحمي بشكل مشترك السلام والاستقرار والتنمية والازدهار في العالم، وهي دعوة مباشرة للاتحاد الأوروبي للتخلص من الضغوط الأمريكية وعدم الانخراط في تحالفات تضر بالمصالح الأوروبية.

 بالتأكيد، إن هذه القمة بين الزعيمين الأوروبيين والرئيس الصيني أزالت الكثير من سوء الفهم حول ما تم ترويجه بعد القمة الأوروبية  الأمريكية عن قيام تحالف عبر الأطلسي ضد الصين.. وأكدت المناقشات بين القادة الثلاثة أن المصالح هي أولاً وأخيراً.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …