بقلم: محمد سلامة – صحيفة الدستور الأردنية
الشرق اليوم- بعد فشل جولات التفاوض في جنيف، وفشل الإتفاق على القاعدة الدستورية، واحتمالية أرجاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة قبل نهاية العام الجاري، واستكمال الطرفين في الغرب (طرابلس ) بقيادة الحكومة الشرعية وفي الشرق (بنغازي) بقيادة الجنرال خليفة حفتر لحشودهما الأمنية، فإن كل شيء بات جاهزا لاشعال الحرب مجددا.
رئيس الحكومة الدبيبة قال: لسنا ذاهبين للحرب مجددا، وفي الميدان نرى حشود عسكرية وقوات تركية وطائرات استطلاع وأيادي على الزناد..ويبقى السؤال هل نصدق الميدان أم الدبيبة ؟!، وفي الطرف الآخر فإن الجنرال حفتر أمر بتحريك قواته للسيطرة على المنافذ البرية مع الجزائر، كما رفض فكرة التخلي عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية، والحل السياسي وصل إلى طريق مسدود، ومن هنا يمكننا القول..كل شيء بات جاهزا لاستئناف القتال مجددا وربما كما حدث في المرات السابقة، بأن يهاجم الجنرال حفتر طرابلس مجددا لفرض سيطرته عليها، ولا نبوح سرا عندما نقول أنه يفاوض على منحه فرصة ثانية لشن الحرب.
الجنرال حفتر يسيطر على نصف حقول النفط في الشرق الليبي وعلى أكثر من ثلثي مساحة البلاد في الشرق، ومنع مرتين رئيس الحكومة الليبية من زيارة بنغازي وتحت إمرته (40) ألف مقاتل عدا مرتزقة شركة فاغنر الروسية، وقالها قبل أيام: إن تطهير طرابلس من الإرهاب مهمة سوف نستكملها قريبآ، وفي الغرب الليبي فإن حكومة الوحدة هي الأخرى استكملت حشودها الأمنية بالتعاون مع تركيا ولديها أكثر من (60) ألف مقاتل عدا السلاح الموجود لدى القبائل هناك، ويمكننا القول أن إعادة ليبيا موحدة ضمن مسار الحل السياسي بات من المستحيلات، وفي التفاصيل نجد أن المعادلة الأمنية لها الغلبة وكلمة الفصل، فإذا تخلى حلفاء الجنرال عنه فإن وحدة ليبيا غير ممكنة أيضا لأن البديل جنرال آخر، ولهذا لم يعد أمام طرفي المعادلة الليبية سوى قبول التقسيم الطوعي للبلاد أو الذهاب مجددا إلى حرب مفتوحة.
ليبيا الشرق عاصمتها بنغازي وبها حكومة تتبع الجنرال حفتر، وبها مؤسسات أمنية وإدارية ومالية مستقلة وبنك مركزي خاص بشؤونها، وحدودها سوف ترسم بالنار كما يتحدث الجنرالات فيها، وفي الغرب الليبي عاصمته طرابلس بها حكومة تتبع الرئاسة ومعترف بها دوليا، وبها مؤسسات أمنية ومالية وإدارية مستقلة وبنك مركزي خاص بشؤونها، ونقطة التقاطع الوحيدة تتمثل في عدم وجود حدود معترف بها إقليميا ودوليا بين الشرق الليبي وغربه، رغم أن الجيوش على طرفي الحدود يرسمون خارطة ليبيا المستقبل.
ليبيا..كل شي جاهز للحرب مجددا، فأصوات وازنة في الغرب تطالب بالحل الأمني باعتباره الخيار الاصوب، كما أن جوار ليبيا يتحضر لما ستؤول إليه نهايات اللعبة السياسية، والجنرال حفتر أصر على مواقفه، ويحظى بدعم حلفائه والغرب وخاصة فرنسا،وما نسمعه في الاعلام أو السوشال ميديا لا يمثل سوى جزءا يسيرا من المشهد المتحرك بسرعة نحو تجدد الاقتتال، فكل التوقعات تذهب إلى أن ما قبل نهاية العام سوف تدخل الأطراف الليبية في الحرب.
نحن هنا لا نتمنى ذلك ونسأل الله أن يجنب ليبيا القسمة والحروب المفتوحة، فاستقرارها استقرار لكل الشمال الإفريقي والفوضى بها تهدد جوارها العربي والإفريقي.