بقلم: طوني فرنسيس – نداء الوطن اللبنانية
الشرق اليوم– ما السر في أزمة الكهرباء التي توحّد عواصم الممانعة الأصلية والمضافة؟.. خلال الاسبوع الماضي أجرت إذاعة دولية تحقيقاً عن أوضاع التيار الكهربائي في كلٍ من بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت… والخرطوم. تحدثت المحطة الى مواطنين وخبراء في هذه العواصم التي تسيطر عليها قوى محسوبة على “الخط ” السياسي نفسه، بما فيها الخرطوم التي خرجت مؤخراً من عباءة “الإخوان المسلمين”. وكانت الأجوبة والتحليلات فظيعة في تشابهها. في بغداد عاصمة البلاد النفطية يكتوي المواطنون في صيفٍ فاقت حرارته الخمسين درجة، ولا يصل التيار الكهربائي الّا لساعات قليلة، مع ان المبالغ المعروفة التي صرفت لتأمين الكهرباء منذ 2003 فاقت الـ80 مليار دولار ذهب أغلبها في موجة الفساد والهدر لمصلحة الميليشيات ورجال أعمالها ومرشديها.
ويتشابه المشهد في صنعاء حيث تسيطر ميليشيات الحوثي ويشتاق المواطنون لبسمة الكهرباء، وفي دمشق يشكو مواطنون من تحوّل براداتهم الى “نمليّات” كالتي كانت تستعمل لحفظ الطعام قبل عصر اديسون، ويشكون عدم معرفتهم بأسرار برامج التقنين، قبل ان يتساءلوا عن إعلانات النظام من حين الى آخر عن استعداده لتزويد لبنان الشقيق بالتيار… الكهربائي.
وقصة تزويد دمشق لبنان بالتيار تشبه قصة تزويد ايران العراق بالطاقة. الخطاب الإيراني يشبه الخطاب السوري، لكنه فقد جاذبيته. فإيران التي كانت تبيع الكهرباء للعراق بالعملة الصعبة واجهت وتواجه أزمة كبيرة منذ ايار الماضي، جعلتها تعجز عن تأمين حاجات مواطنيها الذين علت صرخاتهم ضد الأخطبوط نفسه: الفساد.
وعلى الخط نفسه يقف لبنان، الذي أهدر نحو 60 مليار دولار على كهرباء غير موجودة، وأزكمت فضائح مسؤوليه أنوف العالم أجمع.
الغريب ان الأزمة تتشابه في تفاصيلها داخل دائرة محور مشهور بثوريته وحديث انجازاته المتراكمة، لكنها أزمة محلولة في بقية دول المنطقة الرجعية والتقليدية المحافظة. لم يسمع أحد عن أزمة تيار في دول الخليج أو مصر مثلاً، لكنها أزمة كل لحظة في الدول والعواصم الاخرى الفخورة بنفسها حتى الانهيار.