الشرق اليوم- عودة العراق إلى محيطه العربي أمر أساسي بل وأولوية، لأنه يصب في صالح العراق. ويخدم، في الوقت نفسه، الأمن القومي العربي.
وتتزايد أهمية هذا الأمر في ظل تحديات تفرضها التطورات الأخيرة سواءً ما يتعلق بتزايد خطر التطرف، والإرهاب أو بالتطورات التي تشهدها المنطقة في ظل قدوم رئيس جديد “محافظ” في إيران، وإمكانية عودة واشنطن للاتفاق النووي، والتوجه الأمريكي للانسحاب من العراق، وتخفيض الوجود العسكري في المنطقة عامة، وغيرها من التطورات التي تستدعي تعزيز التعاون العربي المشترك على كل المستويات.
وفي هذا السياق، يمكن فهم أهمية القمة الثلاثية، التي جمعت قادة العراق بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأسبوع الماضي في بغداد، والتي جاءت ليس فقط في سياق تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث خاصة في الاقتصاد، والتجارة، والربط الكهربائي، ولكن أيضاً في إطار أوسع من الرغبة العربية في إعادة العراق إلى محيطه العربي، وتوجيه رسائل لكل من يهدد الأمن القومي العربي، وهو ما ظهر في تصريحات قادة هذه الدول ومسؤوليها، إذ أكد الرئيس العراقي برهم صالح، خلال هذه القمة، أن إعادة دور العراق العربي والإقليمي عنصر مهم في ترسيخ الاستقرار والتنمية في المنطقة.
ولعل الحفاوة التي استُقبِل بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو أول رئيس مصري يزور العراق منذ نحو ثلاثة عقود، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في العراق كشفت عن الرغبة العراقية في العودة إلى العمق العربي على المستويين الشعبي والرسمي، بعدما عانى هذا البلد من التدخلات المريرة من قبل القوى الإقليمية الأخرى التي ما تزال تحاول فرض وصايتها عليه بشكل مباشر أو من خلال الأذرع والميليشيات الطائفية.
وينطبق، الأمر نفسه، على الحفاوة البالغة التي لقيها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال زيارتيه التاريخيتين لدولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية في أبريل الماضي، والتي أظهرت في المقابل حرصاً عربياً وخليجياً على إعادة التوازن للعراق، وإخراجه من دائرة الأزمات والتصارع الإقليمي وتحقيق تنمية شعبه وازدهاره. لا خلاف على أن العراق بلد محوري في المنظومة العربية، وفي المنطقة ككل.
وقد كان للعراق دور أساسي في تحقيق الاستقرار الإقليمي وحماية الأمن القومي العربي، غير أن هذا الدور تأثر كثيراً منذ حماقة غزو الكويت عام 1990 ووصل إلى حد التلاشي بعد الاحتلال الأمريكي له عام 2003، وما نتج عنه من تمدد واسع للنفوذ الإيراني في مقابل تراجع، بل وحتى غياب عربي واضح، فرضته ربما ظروف مختلفة.
ولكن الصورة بدأت تتغير بعد أن أدرك العراقيون أنه لا غنى لهم عن محيطهم العربي في مواجهة التحديات الداخلية الضخمة التي يواجهونها والاستغلال الخارجي الإقليمي، ولا سيما الإيراني، لبلدهم في معركة النفوذ الإقليمي، فتسارعت خطوات التقارب العراقي العربي، ولا سيما بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة، وحرصه الواضح على إعادة العراق إلى حضنه العربي.
المصدر: مركز “تريندز للبحوث والاستشارات”