بقلم: د.نجاة السعيد – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – متى ستنتهي جائحة كورونا؟ سؤال يتداوله الكثيرون. لمدة عام ونصف، استحوذ فيروس كورونا على بلد تلو الآخر. وكلما توقع العالم أن الفيروس قد تم التغلب عليه، يأتي متحور جديد من الفيروس يكون أكثر عدوى من السابق. وهذه من أهم أسباب العوائق لنهاية كوفيد-19، مما يستدعي الأمر إلى لقاحات جديدة أو لقاحات مُعادة صياغتها. ومع استمرار الجائحة، تظهر لمحات من حياة ما بعد فيروس كورونا وأهمها: أن المرحلة الأخيرة من الجائحة تتطلب حرصاً كي لا تطول.
ومن الواضح أن تداعيات كوفيد -19 ستترك وراءها عالماً مختلفاً. فمثلاً، من ضمن السلالات المتحورة من فيروس كورونا سلالة «دلتا»، التي تم رصدها لأول مرة في الهند، وهي مُعدية مرتين إلى ثلاث مرات أكثر من الفيروس الذي خرج من «ووهان» ونتيجة لذلك، انتشرت الحالات بسرعة كبيرة، لدرجة أن المستشفيات نفذت منها الأسّرة والطواقم الطبية كالأكسجين بسرعة، حتى في الأماكن التي وصلت بها نسبة اللقاحات إلى 30%. وبسبب هذه الطفرات ينتشر الفيروس حتى بين الملقحين، لكن إلى الآن لم تؤثر أي من هذه الطفرات على قدرة اللقاحات على منع الأعراض الشديدة والوفاة.
وحتى من دون ظهور الطفرات الجديدة للفيروس، ما زالت الكثير من البلدان تعاني من ويلات كوفيد-19. على سبيل المثال، تعاني ماليزيا من موجة إصابات أكثر فتكاً بزيادة ست مرات عن شهر يناير بسبب نقص عدد اللقاحات. كذلك أفريقيا جنوب الصحراء، تعاني أيضاً من تفشي الفيروس لنفس الأسباب فقد حصل 2.4% فقط من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاماً على جرعة واحدة من اللقاح.
حتى في أميركا، حيث تتوفر اللقاحات بكثرة، لم تتمكن كل الولايات من لقاح الجرعتين بنسبة كبيرة، فمثلاً 30% فقط من سكان ميسيسيبي وألاباما تمكنوا من أخذ الجرعتين. وعلى الرغم من أن العالم مستعد لإنتاج حوالي 11 مليار جرعة من اللقاح هذا العام، إلا أن الأمر سيستغرق شهوراً قبل أن يتم وصول اللقاح لغالبية السكان. بعض الخبراء ذكروا أن الجائحة ستنحسر في النهاية، لكن هذا لا يعني أن الفيروس نفسه لن يبقى على قيد الحياة، لكن ما يضمن السلامة من المرض وعوارضه هو أخذ اللقاحات كاملة والعناية الطبية بأحدث العلاجات بحيث يكون كوفيد-19 غير قاتل. فمثلاً في بريطانيا وبالرغم من انتشار متحور «دلتا» إلا أن عدد الوفيات لا تتجاوز 0.1%، وذلك بسبب أن غالبية السكان أخذت اللقاحات كاملة والعلاج عالي الجودة. ولو تتطلب الوضع لقاحات مُعادة صياغتها، فإنه من الممكن توفيرها بوقت قصير. ومع هذه الطفرات الجديدة، يبدو من ينجو، وكذلك من لم يُصب بالفيروس من المحظوظين. كما أن مع المرحلة الأخيرة لنهاية الجائحة ستكون هناك متغيرات في العالم وقد ظهرت بوادرها حتى قبل كوفيد-19، خاصة ما يتعلق بزيادة الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة.