الشرق اليوم- يفتح تصريح قائد القوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر، سؤالاً حول مستقبل أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي في 11 سبتمبر/أيلول المقبل؛ إذ رسم القائد الأمريكي ظلالاً من القلق، بعدما أشار إلى أن “الوضع الأمني العام ليس جيداً”، و”أن خسارة القوات الحكومية الأراضي لصالح طالبان، لها تأثير في الأمن في البلاد ككل.. وفي كابول”.
المخاوف الأمريكية من سقوط أفغانستان في يد طالبان، لها ما يبررها؛ إذ إن سيطرة هذه الحركة تعني دخول البلاد في المجهول، وأخطرها اندلاع حرب أهلية واسعة أو خضوع أفغانستان لحكم سلطوي متطرف، وإعادة الشعب الأفغاني إلى كهوف التخلف، والقضاء على بعض ما تحقق خلال عشرين عاماً من ديمقراطية وانتخابات وتداول للسلطة، وقيام نواة مجتمع مدني وحريات وحقوق مدنية، وحقوق للمرأة في التعليم والمشاركة في الحكم.
كل ذلك سيكون في مهب الريح؛ لأن طالبان لا تؤمن أساساً بكل هذه القيم الإنسانية، إضافة إلى أن أفغانستان ستعود مجدداً دولة منبوذة عالمياً.
البعض يرى أن الفصل الأخير في المهمة العسكرية الأمريكية والأطلسية بعد انسحاب أكثر من عشرة الآف جندي لن يكون في مصلحة أحد. ويقول أورزالا نعمة، رئيس وحدة البحث والتقييم الأفغانية: “كنت آمل أن يربط الرئيس الأمريكي جو بايدن، الانسحاب بالأوضاع في البلاد”، لكن “سبق السيف العذل”، كما يقول المثل، ذلك أن مسؤولاً كبيراً في إدارة بايدن أكد أن الانسحاب بات حتمياً، “وأن الرئيس يرى أن التوجه القائم على ربط الانسحاب بالأوضاع، الذي كان قائماً طوال العقدين الماضيين، يعني أن تبقى القوات الأمريكية في أفغانستان إلى الأبد”.
الحقيقة أنه لم تكن هناك خيارات كثيرة أمام الرئيس الأمريكي الذي قال: “حان الوقت لإنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا”، ذلك أنه منذ الدخول العسكري الأمريكي إلى أفغانستان عام 2001 لاجتثاث تنظيم القاعدة الذي كان يلوذ بحماية طالبان، رداً على هجمات نيويورك وواشنطن، دفعت الولايات المتحدة ثمناً باهظاً جداً: مادياً وبشرياً.
ووفقاً لوزارة الدفاع فقد بلغ إجمالي الإنفاق العسكري الأمريكي في أفغانستان 778 مليار دولار حتى ديسمبر 2019، فيما أنفقت وزارة الخارجية نحو 44 مليار دولار على مشاريع إعادة الإعمار، لكن دراسة أجرتها جامعة براون، تشير إلى أنه من الصعب تقييم التكلفة الإجمالية؛ لأن الأساليب المحاسبية تختلف بين الدوائر الحكومية.
وتؤكد تقارير مختلفة “لقد ضاعت بعض هذه الأموال من خلال الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام”. ويقول تقرير للكونجرس نشر عام 2020: “إن نحو 19 مليار دولار ضاعت بهذه الطريقة بين مايو/أيار 2009، و31 ديسمبر/كانون الأول 2019”. أما الخسائر البشرية للجيش الأمريكي فبلغت 2300 قتيل وأكثر من 20 ألف جريح.
تعيش أفغانستان لحظة تاريخية حاسمة ولا أحد يعرف كيف سيكون حالها.
المصدر: صحيفة الخليج