بقلم: صفية الشحي – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – منذ القرن التاسع عشر والعالم يجتمع تحت مظلة «إكسبو» كل خمس سنوات لأهداف تعليمية واقتصادية ومستقبلية، وقد كانت البداية في لندن لتقديم واجهة تكنولوجية وصناعية للدول المشاركة، تلا ذلك إنشاء الإطار التنظيمي لهذا الحدث العالمي بموجب اتفاقية باريس عام 1928 التي دخلت حيز التنفيذ عام 1931، وقد قدمت الدول المشاركة عبر السنوات علامات فارقة، مثل تشارلز بابيج، وألكسندر جراهام، وغيرهما من المخترعين الذين جعلوا من فكرة التواصل اللامحدود حقيقة، إضافة إلى إنجازات معمارية وصناعية وتكنولوجية غيّرت مسار التاريخ البشري.
إن «إكسبو دبي 2020» الذي يحلّ في وطن جمع الشرق والغرب سيفتح أبوابه للعقول من شتى المجالات خلال الأشهر المقبلة، ليساهم في مساعدة رواد الابتكار في شتى المجالات الإنسانية والعلمية في صناعة عالم جديد كما تخيّله صناع السلام والمحبة على الأرض، وهذه المحطة الحية لتواصل العقول هي بوابة على التغيير في الفكر والشعور قبل الصناعة، يدل على ذلك الشعار الذي اختارته دبي «فلنصنع معاً عالماً جديداً» الذي يجعل كل شخص منا شريكاً في مهمة التغيير.
ما يجعل «إكسبو دبي 2020» استثنائياً ليس فرادة التصاميم، وتنوع المشاركات الدولية، والرسائل البيئية والمستقبلية وحسب، بل كذلك قدرته على إشعال جذوة الإلهام في المبدعين من خلال الرحلة الاستكشافية التي تم تصميمها من نسيج من التجارب اللامتناهية المستوحاة من بيئات متنوعة، إضافة إلى التعليم الذي يعتمد على فكرة التجريب، في دعوة صريحة لتبنّي فكر التجربة المدفوعة بفضول المستكشفين والعلماء، وهي الدعوة التي لم يستثن منها صغير ولا كبير، فقد تم تصميم محتوى يتوافق مع طبيعة الجمهور المتنوع واحتياجاته وآلامه وآماله، تزامناً مع التقلبات الكثيرة التي عانى منها العالم في الآونة الأخيرة.
إن الإشادة بجهود الاستدامة العالمية وجمع شمل المشاريع تحت سقف واحد استجابة للتغيرات المناخية وعدم استقرار الموارد الطبيعية، هي الرسالة التي جاءت في وقتها للدفع بمشاريع متخصصة في القطاعات المختلفة لما هو في مصلحة الاستدامة العالمية، أما تعزيز فكر التطوع فهو أساسي من خلال إتاحة الوقت والجهد والإبداع لخدمة تطلعات وطننا المستقبلية. هذا الحدث العالمي قادر على استنهاض همم مجتمع المثقفين والمبدعين من خلال تجارب فيها الكثير من الإصرار والاستمرارية والمرونة، ما يجعل تقبل التغيير عملية انسيابية لا نقطة صراع، وربما هي فرصة لا تتكرر حتى يصنع الكتاب والشعراء العالم الذي طالما تخيلوه في قلب حدث أجمل من الخيال بكثير.