الشرق اليوم- في معظم الأزمات الدولية الراهنة أو السابقة، وكلما واجه العالم مأزقاً في الوصول إلى حل أو تسوية، يرتفع السؤال: أين المجتمع الدولي؟ وأين دوره والتزاماته؟ ولماذا لا يتحرك؟
في المصطلح، المجتمع الدولي هو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعددها الآن 193 دولة، وكل دولة عضو في المنظمة الدولية تصبح تلقائياً عضواً في المجتمع الدولي، لكن المعضلة تكمن في أن هذا المجتمع الدولي يفتقد إلى القدرة على تطبيق نصوص القانون الدولي، ومندرجات ميثاق الأمم المتحدة، ووضع إجراءات تنفيذية، تحقق مضامين العدالة والمساواة والحريات، وإنهاء الاحتلال ومظاهر العنصرية والتطرف والإرهاب المتفشية في العالم، أو وضع حد للصراعات والحروب.
وإذا كان ميثاق الأمم المتحدة ينص على ضرورة توطيد السلام والأمن العالميين، وحماية حقوق الإنسان، ونزع السلاح، وهي قامت بالفعل ببعض الإنجازات على هذا الصعيد، إلا أنها كانت تصل دائماً إلى حائط مسدود في مواجهة القضايا والأزمات العالمية الكبرى، وفشلت في التصدي لها، كما فشلت في الحؤول دون الحروب الأهلية والصراعات بين الدول الكبرى مباشرة أو بالوكالة. وفي كل هذه الأزمات كانت الأصوات ترتفع وتسأل عن دور المجتمع الدولي، ولماذا لا يصار إلى تفعيله؟
الحقيقة، أن المجتمع الدولي الممثل بالأمم المتحدة وتنظيماتها الأخرى لا يملك القدرة على وضع قراراته موضع التنفيذ، خصوصاً تجاه القضايا الصراعية الكبرى التي تخضع لسلطة مجلس الأمن، وتخضع بالتالي للمصادرة من جانب الدول الخمس دائمة العضوية التي لها حق الاعتراض والرفض من خلال استخدام “الفيتو” الذي يعيق حل القضايا التي تهدد الأمن والسلم العالميين؛ لأنها تخضع لمنطق الصراع والمصالح بين الدول المعنية، والأمثلة على ذلك كثيرة، مثل فلسطين وليبيا وسوريا واليمن وأوكرانيا وكوريا الشمالية، إضافة إلى الأزمات الثنائية مثل الصراع الأمريكي- الصيني، والصراع الأمريكي الروسي، وفنزويلا وكوبا، ناهيك عن الحرب ضد الإرهاب، الذي يخضع إلى تفسيرات متعددة تجعل منه مادة للابتزاز السياسي، من دون أن نستثني قضية اللاجئين التي تشكل صداعاً عالمياً مع تحويلها إلى قضية سياسية وعنصرية.
مع الأسف، إن المجتمع الدولي تحّول إلى مفهوم غير واضح؛ لأنه خضع بقوة الأمر الواقع إلى سطوة القوى الكبرى في مجلس الأمن، ما أفقد الأمم المتحدة كمنظمة جامعة لكل دول العالم قدرتها على تنفيذ بنود ميثاقها الذي يجب أن يكون فوق كل القوانين الأخرى. وإذا كان القانون يقول إن الناس سواسية أمام القانون، فمن المفترض أن تكون كل الدول سواسية أمام القانون الدولي، لا أن تقوم خمس دول بمصادرة مواقف كل دول العالم وفقاً لمصالحها، وبما يجعل العالم أقل أمناً وسلاماً.
العالم يحتاج إلى مجتمع دولي حقيقي، يؤكد حضوره بشكل فاعل، ويسعى إلى ترسيخ مبدأ السلم في العلاقات الدولية، واحترام المبادئ الإنسانية.
المصدر: صحيفة الخليج