الشرق اليوم- ما أحوج عالمنا العربي إلى أن يستجمع قواه وقدراته وسط أزمات عالمية ليست هيّنة، وأعاصير سياسية وبيئية ووبائية قد تغيّر وجه العالم. ولكي لا نضيع وسط هذه الأعاصير علينا أن نعرف أين نقف، وأن يكون لنا موقع في عالم متغير لن يرحم الضعفاء ولا المترددين ولا القابعين في الماضي، ويلوذون به اتقاء للتغيير.
إن قمة بغداد الثلاثية التي عقدت، أمس الأحد، وجمعت قادة مصر والعراق والأردن، وهي القمة الثالثة بعد قمتي القاهرة وعمّان، تأتي في وقت يحتاج فيه العرب إلى ما يجمع شملهم، ويوحّد موقفهم وقرارهم، وينهي حالة الانقسام والتذرّر التي يعيشونها، والبحث عن القواسم المشتركة التي يمكن البناء عليها، السياسية والاقتصادية والاستثمارية والكهربائية والصحية والتقنية، كمقدمة لعمل عربي موحّد يمكن أن ينطق من قاعدة ثنائية أو ثلاثية ليتسع في ما بعد إلى مدى أبعد نحو سوق عربية مشتركة يمكن أن تكون نواة لتوحد عربي، كما هي حال الاتحاد الأوروبي، مثلاً.
إن قمة “الشام الجديد” وفق تعبير رئيس الوزراء العراقي، تدشن مرحلة جديدة من العلاقات وأطر العمل المشترك، وهي كما أشار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بداية “لشراكة استراتيجية وتعاون وثيق بين بلداننا، سعياً نحو الانطلاق خلال السنوات المقبلة إلى مرحلة التنمية المستدامة والرخاء لشعوبنا، فضلاً عن المساهمة في دعم العمل العربي المشترك”.
إن هذه القمة تعتبر إنجازاً مهماً في هذا الوقت، فإذا كان العمل العربي المشترك في النطاق العربي الشامل، غير ممكن في الوقت الراهن، فليكن العمل في هذا الإطار هو المقدمة، ما دام هناك إصرار على تحقيق مشروع تعاون استراتيجي في مختلف المجالات في إطار تكتل إقليمي قادر على مواجهة التحديات.
لقد لخص البيان الختامي للقمة الثلاثية ما تحقق وتم الاتفاق عليه، خصوصاً التأكيد على “تعزيز وتكامل الجهود المشتركة بين العراق ومصر والأردن في المجالات كافة”، و”تعزيز مشروع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة بين الدول الثلاث، والمضي قدماً في استكمال خط الغاز العربي، وتأطير التعاون والتكامل الصناعي، وضرورة التعاون في المجال الزراعي والأمن الغذائي، وتشجيع الاستثمار في قطاع الإسكان والطرق والجسور ومشاريع البنى التحتية، والتعاون في مجالات النقل”.
إذاً، هناك مروحة واسعة من المشاريع المشتركة التي يمكن أن تشكل نقلة فعلية من التعاون بين الدول الثلاث، إضافة إلى ما تم الاتفاق عليه من مواقف مشتركة تجاه القضايا السياسية الراهنة، وأهمها التأكيد على المواجهة المشتركة للإرهاب، ودعم العراق في جهوده لترسيخ الأمن وفرض السيادة الوطنية ومنع التدخل في شؤونه الداخلية، ودعم مصر والسودان في قضية سد النهضة، والتأكيد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وقيام دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، ورفض إجراءات إسرائيل التي تقوّض فرص تحقيق السلام العادل.
وانتهت القمة على أمل أن تكون بشارة خير لعمل عربي مشترك تفتح الباب أمام عمل أشمل، وأوسع.
المصدر: صحيفة الخليج