بقلم: عارف عادل مرشد – الرأي الأردنية
الشرق اليوم– تمكن رئيس السلطة القضائية والمرشح المحسوب على التيار المتشدد إبراهيم رئيسي من الفوز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية التي أجريت في 18 يونيو الجاري، حيث حصل على 62% من أصوات الناخبين المشاركين في الانتخابات، و29.77% من أصوات الناخبين المسجلين، ليكون ثامن رئيس لإيران في عهد الجمهورية الإسلامية.
وبفوز رئيسي بمنصب الرئاسة، تٌطرح مسألة الاتفاق النووي كأحد القضايا الرئيسية في العلاقات الإيرانية الغربية بعامة، والإيرانية الاميركية بخاصة، هذا الاتفاق توصلت إليه إيران في فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني مع مجموعة (5+1) في يوليو 2015 وتضمن مكاسب استراتيجية عديدة للأولى، لا سيما على صعيد الاحتفاظ بعمليات تخصيب اليورانيوم حتى لو كان بمستوى منخفض، وفي الوقت نفسه رفع معظم العقوبات الدولية والأميركية التي كانت مفروضة عليها.
وقد انسحبت الولايات المتحدة الأميركية في عام 2018 منه، فارضة مزيداً من العقوبات ضمن ما يٌعرف بسياسة «الضغط الأقصى» رافقت فشل رهان حكومة روحاني على الغرب وعجزه عن الوفاء بوعوده الاقتصادية، مما ادي إلى تراجع اقتصادي وأوضاع معيشية صعبة وتصعيد فرضه مجلس الشورى على صعيد خفض التزامات طهران بالاتفاق النووي كان أهمه رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%.وبعد فوز رئيسي بمنصب الرئاسة، وتسلمه إياها بصورة رسمية في أغسطس القادم فإن المسار المتوقع للعلاقات بين واشنطن وطهران هو استمرار التوتر بين الطرفين بدرجات متفاوتة، بين تواصل النمط الراهن للتوتر في العلاقة، ومستوى جديد من التوتر قد يفضي إلى أزمة حادة بين الطرفين.
وعلى ضوء هذا المسار المتوقع بشكل كبير، تبرز الحاجة المتزايدة لدى الأطراف المعنية لإنجاح مفاوضات فيينا التي تجري بين إيران ومجموعة(4+1) منذ أبريل الماضي بمشاركة غير مباشرة من جانب الولايات المتحدة الأميركية، والتوصل لإنجاز اتفاق نووي ثان يحدد الأطر العامة للعودة للاتفاق الأول (اتفاق 2015).ومن المٌرجح إن الإدارة الأميركية تريد التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء مهمة الرئيس روحاني فعلياً في مطلع شهر أغسطس من العام الجاري، بحيث يكون هناك اتفاق قبل تسلم إبراهيم رئيسي مهامه الرئاسية، ومما يدعم وجهة النظر هذه أن رئيسي كان قد اعلن في مؤتمره الصحافي الأول بعد انتخابه رئيساً، رفضه إجراء «مفاوضات من أجل المفاوضات » في شأن الملف النووي، قائلا أن «أي محادثات يجب أن تضمن مصالحنا الوطنية»، وإن كانت معظم التقديرات في واشنطن تشير إلى أن الاتفاق النووي الثاني (2021) سيتضمن نصاً على مفاوضات لاحقة تعالج المسائل المرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي، وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وعلى الرغم من أنه من المبكر الحديث عن هذه المفاوضات قبل خروج الاتفاق الثاني للنور فعلياً، فإن التحدي الرئيسي الذي سيواجه الإدارة الأميركية هو التعنت الشديد من قبل طهران في ظل رئاسة إبراهيم رئيسي في مناقشة هذه الملفات، أو حتى الموافقة على حلول وسط بشأنها الأمر الذي يعني تعقد المفاوضات اللاحقة لما بعد الاتفاق النووي الثاني، مما سيجعل ملفي برنامج إيران الصاروخي وأنشطتها في المنطقة مفتوحين بشكل مستمر.
فنجاح واشنطن بالعودة للاتفاق النووي لا يعني تغييراً في سلوك إيران في المجالات الأخرى، سواء سياستها الإقليمية، أو تقاربها مع الصين التي أصبحت التهديد الأول وفقاً للأمن القومي الأميركي، وما يتعلق بالوضع الداخلي في إيران وانتهاكات حقوق الإنسان، فهذه القضايا الخلافية بين واشنطن وطهران سوف تستمر، ومن المحتمل أن تشهد العلاقات بين الطرفين مزيداً من التوتر في حال فرضت واشنطن عقوبات جديدة على إبراهيم رئيسي، فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي عام 2019 بتهمة ارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك للدور الذي تردد? أنه لعبه في إعدام آلاف من المسجونين السياسيين في عام 1988، على نحو يعني في النهاية بأن التوتر سوف يبقى عنواناً بارزاً في العلاقات بين إيران والدول الغربية في عهد الرئيس الجديد، حتى لو تم التوصل إلى صفقة مًحتملة في مفاوضات فيينا.