BY: Clara Ferreira
الشرق اليوم – وزعت الصين حتى الآن أكثر من مليار جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد، لتصل إلى هذا الإنجاز التاريخي الخاص بالوباء في نفس الأسبوع الذي تخطى فيه عدد حالات الوفاة الناجمة عن كوفيد – 19 في البرازيل الـ 500 ألف حالة، كما لاتزال أعداد الحالات اليومية مرتفعة بشكل مثير للقلق، وتمثل الغالبية العظمى من أولئك الذين يدخلون المستشفى والذين يحتضرون من الشباب، وفي الوقت نفسه، تتعرض الهند لخطر الإصابة بموجة ثالثة من العدوى في وقت أقرب مما كان متوقعًا، وذلك بعد موجة ثانية مدمرة.
وصحيح أن نهاية الوباء قد اقتربت، ولكن يبدو أنه ستظل هناك بقايا له مستمرة، وذلك بسبب السياسات العالمية قصيرة النظر، فهناك تفاوت شديد في فرص الحصول على اللقاح، وذلك بسبب تركيز الحكومات الغنية على احتياجاتها الداخلية فقط.
إن عدم كفاية قدرات الدول، وضعف الخدمات اللوجستية لديها، وعدم ثقة السكان وانتشار المعلومات المضللة، والتي غالبًا ما يغذيها القادة الشعبويون، قد تركت الملايين بلا حلول ووسعت الفجوات الموجودة بالفعل في الاقتصاد العالمي.
ونحن نعلم من الأوبئة الماضية أن النهاية لن تكون سريعة أو واضحة، فمن السهل تتبع بداية جائحة الأنفلونزا الإسبانية في عام 1918، ولكن ليس من السهل تحديد نهايتها، ربما كانت بعد شتاء عام 1920، وقد استغرقت جهود التطعيم الجماعية الأخرى لمكافحة الأمراض المعدية، مثل شلل الأطفال، سنوات طويلة، ولكن لا يتعين علينا تكرار نفس الأخطاء.
لقد قطع العالم شوطًا طويلًا بالفعل، ولم تعد هزيمة وباء كوفيد – 19 احتمالًا غامضًا، ولكن يمكن رؤيتها في نهاية الأفق، حيث استطاع الباحثون حل لغز اللقاح في وقت أبكر مما كان متوقعًا، وتم توزيع الجرعات في وقت قياسي، حتى إنه أثبت فاعليته ضد المتغيرات المزعجة، كما أن بعض علماء الأوبئة قد بدأوا، هذا الأسبوع، في التفكير في استخدام معدل الحاجة إلى دخول المستشفى، وليس عدد الحالات، كمقياس أولى لمدى خطورة الفيروس.
وبعد 18 شهرًا على بداية انتشار الوباء، فإنه لايزال يُحدِث آثارًا مدمرة، فالعالم النامي ليس لديه ما يكفي من الفرص للقضاء عليه، كما ازداد عدم المساواة القائمة سوءًا، وكذلك مشكلة البيروقراطية المفرطة، وهي ليست مشكلة خاصة بالدول الفقيرة فقط: فقد كان أداء اليابان ضعيفًا إلى حد كبير بسبب اللوائح الصارمة المتعلقة بتوزيع الأدوية الجديدة، والتي أدت إلى إبطاء طرح اللقاح، بينما أدت القيود المفروضة على من يمكنه إعطاء الجرعات إلى وجود نقص في عدد الموظفين، ومع ارتفاع عدد السكان واقتراب موعد إقامة دورة الألعاب الأوليمبية التي من المقرر إقامتها بعد أسابيع، فإن الدولة لم تقم سوى بتطعيم 7% فقط من السكان بشكل كامل.
وبالنسبة لبعض الدول الأخرى، فقد خلقت اللقاحات فرصة لاستعادة بعض رأس المال السياسي الذي كانت تشتد الحاجة إليه بعد الفشل في الأداء في المراحل الأولى من الوباء، وهو ما استفادت منه بريطانيا، والولايات المتحدة، وكذلك إسرائيل، التي بمساعدة نظامها الصحي، وبتوفير شركتي فايزر وبيونتك الإمدادات لها، بالإضافة إلى القدرات المادية الكبيرة التي سمحت لها بالدفع، استطاعت تل أبيب تطعيم 57% من سكانها بشكل كامل.
وهناك الآخرون الذين استطاعوا التعامل مع الوباء بشكل جيد مع وضع ضوابط فعّالة، ولكنهم علقوا في سباق التلقيح ويركضون الآن للحاق بركب القضاء على الوباء في ظل مواجهة تهديد المتغيرات الجديدة.
وقد أصبحت سنغافورة أول دولة في جنوب شرق آسيا توزع جرعة واحدة على الأقل لأكثر من نصف سكانها، كما قامت الصين بتلقيح 80% من البالغين بالكامل في بكين، ووزعت أكثر من مليار جرعة بشكل عام، أي أكثر من ثلث الإجمالي العالمي. وفي حين أن بعض أجزاء العالم قادرة على إعادة فتح أبوابها من جديد، فإنه لايزال البعض الآخر يشهد ارتفاعًا في عدد الإصابات، فالقدرة على تقديم السياسات الخاصة بمكافحة الوباء كفاءة، وتبني المسار الصحيح، والاحتفاظ بثقة السكان تعد مؤشرًا كبيرًا على نجاح إدارة الوباء، فقد كان القادة الأقوياء من بين الأسوأ في إدارته، حيث لم يتسموا بالمرونة فيما يتعلق بالانحناء للعلم والحقائق، وتعد روسيا مثالًا على ذلك، على الرغم من تطويرها للقاح رائد لكوفيد – 19، إلا أن التردد العميق بشأن الحصول على اللقاح قد ازداد سوءًا بمرور الوقت، وبدلاً من إعطاء الأولوية للتلقيح، فقد أشار المسؤولون، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين، إلى أن كل شيء على ما يرام، مما ترك البلاد عرضة للموجة الثالثة التى سيطر عليها المتغير دلتا، كما أن الهند، التي شعرت بالرضا الشديد بعد انحسار الموجة الأولى، قد دفعت ثمنًا أعلى الآن.
وتتمثل حقيقة المرحلة المتأخرة من هذا الوباء في أنه لا توجد نهاية لدورة الزيادات المفاجئة والإغلاق بدون التطعيمات، ولذا فإنه يجب أن يكون هناك ضغط منسق لإيصال اللقاحات إلى العالم النامى قريبًا، وليس عن طريق التبرعات فقط، بل يجب معالجة نقاط الضعف الموجودة في هذه الدول، وكذلك التردد الموجود في الغرب، وهناك حاجة ماسة للاستثمار في الهياكل اللوجستية والرعاية الصحية التي يمكنها مواصلة المراقبة بمجرد أن يتلاشى الوباء من عناوين الأخبار.
ويجب أن يكون هناك اعتراف بأن الوباء قد ترك الفئات الأكثر ضعفاً وراءه، فقد أدى فيروس كورونا إلى تسريع بعض اتجاهات تراجع العولمة، مما أعاق التنقل البشري الذي تعتمد عليه العديد من الدول، وألحق الضرر برأس المال البشري مع إغلاق المدارس لفترات طويلة.
وبعد انتهاء هذا الوباء الذي ضرب جميع أنحاء العالم وقتل ما يقرب من 4 ملايين شخص، فإن الاستثمار في التطعيمات والأجيال القادمة والقدرة على تقديم الرعاية الصحية لضمان تحسين أدائنا في المرة القادمة سيكون بمثابة ذكرى جديرة بالاهتمام.
ترجمة: المصري اليوم