بقلم: جين كينينمونت
الشرق اليوم- إن الرئيسين الأمريكي، جو بايدن، والروسي، فلاديمير بوتين، أصدرا خلال قمتهما الأخيرة في جنيف بيانا مشتركا، أعلنا فيه أنه “لا ينبغي أبدا خوض حرب نووية، ولا يمكن أبدا لأحد الانتصار فيها”، وهو ما يعيد للذاكرة ما قاله الرئيس الأسبق، رونالد ريغان، ورئيس الاتحاد السوفياتي السابق، ميخائيل غورباتشوف، في قمة تاريخية عام 1985 حين بدأ الطرفان تكثيف الرقابة على الأسلحة النووية مقلليْن تدريجيا مخاوف العالم من وقوع كارثة نووية.
وذكرت صحيفة “The Guardian”: أن استخدام عبارات مثل تلك التي وردت في البيان المشترك بين الولايات المتحدة وروسيا، كان بالفعل أمرا مثيرا ومعقدا بشكل مدهش.
فقد ظل الخبراء، الذين يعملون في مجال الحد من التسلح، وزعماء سابقون يدافعون منذ سنوات على أن تعيد مجموعة “الدول الخمس” التأكيد على ما اتفق عليه الزعيمان الأمريكي والسوفياتي إبان الحرب الباردة.
ومنذ عدة سنوات كانت الولايات المتحدة رافضة لهذا الطرح، وكذلك قادة المملكة المتحدة وفرنسا، حتى إنه ورد أن دبلوماسيين بريطانيين وفرنسيين أطلعوا سرا خبراء الأمن النووي الأسبوع الماضي أنه لم يكن الوقت مناسبا للقادة ليقولوا إن الحرب النووية لا يمكن الفوز بها، ولا ينبغي أن تحدث أبدا، وهو ما يظهر جليا أن مواقفهم لا تتماشى والموقف الأخير للبيت الأبيض.
ويرى المقال أن مقاومة الحكومات حتى للقول بأن الحرب النووية لا يمكن الفوز بها، ولا ينبغي خوضها، توضح “الفجوة الكبيرة” الموجودة بين سياسات الأسلحة النووية والوعي العام بهذه السياسات.
فغالبا ما تقترن المفاهيم السائدة حول الأسلحة النووية بمعاني الردع و”التدمير المتبادل المؤكد”؛ مما يعني أن الجميع يفهم تلقائيا أن الحرب النووية لا يوجد فيها منتصر، ولا زعيم سياسي يمكنه في واقع الأمر أن يذهب إلى حد استخدام السلاح النووي.
لكن السياسات الحكومية أعقد وأكثر خطورة من ذلك بكثير، فمن بين الدول التسع، التي تمتلك أسلحة نووية في العالم، كانت الصين والهند فقط الدولتين اللتين أعلنتا أنهما على استعداد ألا تكونا من يستخدم السلاح النووي أولا، وهي سياسة تعرف باسم “عدم الاستخدام الأول” (no first use).
فيما أشارت الولايات المتحدة في أحدث مراجعة لسياستها النووية عام 2018، أن أسلحتها النووية لم توجد في الواقع فقط لردع الهجمات النووية من قبل الآخرين، ولكن أيضا لردع أي عدوان غير نووي على الولايات المتحدة أو حلفائها الرئيسين، وقد يتعلق الأمر هنا بهجوم عسكري تقليدي أو بتهديد كبير عالي التقنية مثل هجوم سيبراني ضخم.
لذلك، فمن الممكن أن يغير الرئيس بايدن سياسة بلاده في هذا المضمار، ويعتبر بأن الأسلحة النووية يجب أن تستخدم فقط لردع -أو الرد على- هجوم نووي آخر، وهو موقف يسمى “الهدف الوحيد” (sole purpose)، والذي أشار إليه خلال حملته الانتخابية.
ومع أن الرئيس الأسبق باراك أوباما كان مؤيدا لسياسة نزع السلاح النووي؛ لكن لم يستطع أن يذهب أبعد من سياسة “الهدف الوحيد”، حيث عرقلت مساعيه الحجج القائلة بأن بعض حلفاء الولايات المتحدة -من كوريا الجنوبية إلى لاتفيا- يعتمدون في مقاربتهم الأمنية على مبدأ أن واشنطن يمكنها استخدام سلاحها النووي ضد أي دولة أخرى تتجرأ على مهاجمتهم أو غزوهم، مثل كوريا الشمالية أو حتى روسيا.
ترجمة: الجزيرة