الشرق اليوم- بمقدور الغرب نزع روسيا من “أحضان الصين”، لكن تحقيق ذلك يتطلب منه تنازلات جدية لموسكو.
ومن أبرز نقاط الالتقاء بين موسكو وبكين سعيهما المشترك لإضعاف النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، ويأتي عقد البلدين صفقات تجارية ثنائية وتعاونهما العسكري والدبلوماسي تعزيزا لجهود روسيا والصين الهادفة إلى تقويض هذا النظام، والمبنية على اعتقاد أن الغرب يعاني من انقسامات داخلية، دون أن يكون هناك سبب لزعزعة هذا الاعتقاد.
من هنا فإن “فهم أسباب توطيد العلاقات الصينية الروسية والنقاط المحددة التي يتم فيها هذا التوطيد أمر في غاية الأهمية للكشف عن تصدعات في تعاونهما والاستفادة منها”.
إن تطور التبادل التجاري بين روسيا والصين، وجهود الدولتين في مكافحة هيمنة الدولار الأمريكي في التجارة العالمية، إضافة إلى توريدات المعدات العسكرية الروسية للصين، يرافق كل ذلك توسيع تعاون موسكو وبكين على الساحة الدولية، حيث يمكنهما حق النقض في مجلس الأمن الدولي من تحييد محاولات الدول الغربية لإدانة تصرفاتهما.
كما أن روسيا والصين تدعم بشكل نشط “الدول المارقة”، مثل إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، ما يقوض جهود الولايات المتحدة لعزل هذه الأنظمة أو إضعافها.
مع ذلك رأت المجلة الأمريكية أن التعاون الواسع بين روسيا والصين لا يعني غياب “جمر التوتر” بين الدولتين العظميين، مشيرة بهذا الصدد، إلى عوامل عدة، وفي مقدمتها احتمال تنامي التنافس بين موسكو وبكين في آسيا الوسطى في ظل “فراغ السلطة” الذي ستشهده أفغانستان بعد خروج قوات الولايات المتحدة والناتو من أراضيها. وذكرت أنه على الرغم من حفاظ روسيا على هيمنتها العسكرية في المنطقة، فإن الاستثمارات الصينية في الجمهوريات السوفيتية السابقة هناك تقوض نفوذ موسكو في آسيا الوسطى واحتكارها بشبكات الطاقة المحلية.
وإن تنامي دور الصين على الساحة الدولية يجعل التنافس بينهما على النفوذ في “الدول المارقة” أمرا حتميا لا مفر منه، ناهيك عن الأضرار التي ستلحق بمواقع موسكو في المحيط الهادئ ضخ الاستثمارات الصينية في الشرق الأقصى الروسي ونمو هجرة الصينيين إلى هذه المنطقة.
وحذرت المجلة من أن روسيا والصين قادرتان على كشف كل محاولات لدق إسفين بينهما، وأنهما حريصتان كل الحرص على إبقاء خلافاتهما طي الكتمان. لكن كاتب المقالة ختم بملاحظة أن الغرب يمكن أن ينجح في نزع روسيا من أحضان الصين “في حال تقديم شروط لروسيا تناسب مصالحها القومية”، موضحا أن الحديث يدور في المقام الأول عن “رفض منح أوكرانيا العضوية في الاتحاد الأوروبي وخاصة في الناتو، وكذلك تخفيف العقوبات بعد مرور وقت معين”.
المصدر: مجلة “المصلحة القومية” السياسية الأمريكية – روسيا اليوم