الشرق اليوم– أعلن السودان على لسان وزير الري ياسر عباس، أنه منفتح على إبرام اتفاق جزئي مؤقت بخصوص سد النهضة الإثيوبي ولكن بشروط محددة، قبل أيام من موعد الملء الثاني لسد النهضة في يوليو القادم.
اعتبر مراقبون أن هذا الإعلان يمثل “تحول محتمل” في موقف السودان بالنسبة لقضية السد، خاصة وأنها كانت قد اتفقت مع مصر في الأسابيع الماضية على ضرورة أن يكون “الاتفاق شاملا”.
“هذا الاقتراح ليس جديدا” بحسب ما قال العضو السابق في الفريق الممثل للسودان في مفاوضات سد النهضة، الدكتور أحمد المفتي. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قدمته كحل لرئيس الاتحاد الإفريقي الجديد، رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس أنطوان تشيسيكيدي.
وأضاف المفتي في تصريحات لموقع قناة “الحرة” أنه عندما عرضه الاتحاد الأفريقي على مصر والسودان تم رفضه، لكن السودان غيرت موقفها وأعلنت انفتاحها على الاتفاق.
ما هو الاتفاق المؤقت؟
وبحسب المفتي، هو اتفاق يمكن أديس أبابا من الملء الثاني لسد النهضة في يوليو القادم، وبتنسيق مع القاهرة والخرطوم، ويزود السودان بكل المعلومات اللازمة أثناء الملء.
وفي حين أن هذه المعلومات مفيدة للسودان لتفادي أضرار الملء الثاني، إلا أن الاتفاق المؤقت لا يشمل أي من النقاط الجذرية المتعلقة بوجود آلية قانونية تلزم إثيوبيا بتوفير المعلومات اللازمة عن الملء لدول المصب، أو الاتفاقات المستقبلية حول آلية الملء في سنوات الجفاف، وكيفية حل النزاعات المستقبلية.
ويرى أن الهدف الأساسي من الاتفاق المؤقت هو منح الشرعية الكاملة لعملية الملء الثاني، مؤكدا أن مصر والسودان لن تستفيد منه شيئا وأن المستفيد الأكبر منه هي أثيوبيا.
وضع وزير الري السوداني 3 شروط لقبول بهذا الاتفاق هي: التوقيع على كل ما تم الاتفاق عليه بالفعل في المفاوضات بين إثيوبيا والسودان ومصر، ووضع بنودا لضمان استمرار المحادثات حتى بعد ملء السد المقرر في يوليو، بالإضافة إلى التزام المفاوضات بجدول زمني.
ومن المقرر أن تبدأ أديس أبابا عملية الملء الثاني للسد في 22 يوليو القادم، ويبلغ حجمه13.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل ليصبح حجم المياه المتجمعة أمام السد 18.5 مليار متر مكعب.
وفي أبريل، فشلت الجولة الأخيرة من المفاوضات التي توسط فيها الاتحاد الإفريقي في إحراز تقدم، مع إصرار الجانب الإثيوبي على الملء الثاني للسد يوليو القادم بالتزامن مع موسم سقوط الأمطار.
وتتطالب مصر والسودان بتشكيل رباعية دولية، تقودها الاتحاد الأفريقي، ويشارك فيها رباعية دولية، تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية، تشارك فيها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لضمان جدية المفاوضات وهو ما ترفضه أثيوبيا.
وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن “الأمن المائي المصري والسوداني يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي العربي، مشيرا إلى أن المفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة “تراوح مكانها” منذ عشر سنوات من دون تقدم ملموس.
وبحسب الوزير في كلمته أمام اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري لبحث قضية سد النهضة التي عقدت في الدوحة الأسبوع الماضي، فإن بلاده تريد إنجاز “اتفاق قانوني ملزم وعادل يضمن لإثيوبيا حقها في التنمية دون افتئات على حقوق دولتي المصب، وبما لا يسبب لأي منهما ضرراً جسيماً”.
تجاهل أثيوبي
لم تعلق أديس أبابا على المقترح السودني. وقال المفتي إنه لو كان يملك القرار في أديس أبابا لقبل العرض السوداني فورا.
بينما قال الخبير في الشؤون الأفريقية، هاني رسلان، إن هذا الاقتراح تجاهلته أديس أبابا، وأعلنت أن الملء الثاني سيتم في موعده بشكل طبيعي وكامل.
وأرجع رسلان في تصريحات لموقع “الحرة” تجاهل أثيوبيا لهذا الاقتراح بسبب قربها من بدء الملء الثاني، وعدم حاجتها لتقديم أي تنازلات وقبول الاتفاق. مشيرا إلى أن هذا الاتفاق يتناول كل عملية الملء وليس الثاني فقط.
كانت القاهرة رفضت في أبريل الماضي، مقترحا أثيوبيا يدعو إلى تشكيل آلية لتبادل البيانات حول إجراءات تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة.
وقال بيان وزارة الري المصرية أن المقترح الإثيوبي يخالف مقررات القمم الأفريقية التي عقدت حول ملف سد النهضة والتي أكدت على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة. وأضاف: “هذا المقترح الإثيوبي لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لاستخلاص إقرار مصري على المرحلة الثانية من الملء “.
وتعتمد مصر على نهر النيل في أكثر من 90 بالمئة من إمداداتها بالمياه العذبة، وتخشى أن يكون له آثر مدمر على اقتصادها، بينما تقول إثيوبيا إن السد الضخم قد يساعدها في التحول إلى مصدر رئيسي للطاقة، وتعتبر السد، الذي تبلغ تكلفته 4.6 مليار دولار، مصدر فخر وطني يهدف إلى انتشال ملايين البشر من الفقر.
شرخ في العلاقات
ويخشى مراقبون أن يؤدي الإعلان السوداني دون موافقة القاهرة إلى إحداث خلاف في الجبهة المصرية السودانية، التي تشكلت في الشهور الماضية، لمواجهة أديس أبابا في ملف سد النهضة.
وفي أواخر مايو الماضي، تبادل الطرفان الزيارات الدبلوماسية والعسكرية، وأجرى الجيشان المصري والسوداني تدريبات عسكرية مشتركة أطلق عليها اسم “حماة النيل”، امتدادا لتدريبات مشتركة بين قوات من سلاح الجو المصري والسوداني تحت مسمى “نسور النيل”.
وهو ما اتفق معه المفتي، الذي أكد أن هذا القرار السوداني إذا قبلته أثيوبيا قد يحدث شرخا في الجبهة المصرية السودانية، التي تشكلت خلال الشهور الماضية لمواجهة أديس أبابا.
لكن رسلان استبعد أن يؤدي هذا الاقتراح إلى إحداث خلاف بين القاهرة والخرطوم، مؤكدا وجود تفاهم بين البلدين في هذا الملف.
المصدر: الحرة