الرئيسية / مقالات رأي / قمة على حدود التفاؤل

قمة على حدود التفاؤل

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – وانعقدت قمة فلاديمير بوتين وجو بايدن المنتظرة في جنيف، على مدى جولتين استغرقتا نحو أربع ساعات. 

لم تكن التوقعات كبيرة، وكان حجم التشاؤم بعدم إمكانية تحقيق أي اختراق فعلي في العلاقات أكبر بكثير من التفاؤل؛ لأن العلاقات بينهما وصلت إلى أسوأ حالاتها منذ الحرب الباردة، وفقاً لاعترافات الجانبين؛ لذا كانت القمة مثقلة بالمشاكل والأزمات التي تراكمت خلال السنوات، ما أدى إلى سلسلة من الخطوات والإجراءات المتبادلة مثل: فرض العقوبات، وطرد الدبلوماسيين، علاوة على تصريحات «غير دبلوماسية»؛ أسهمت في تسميم العلاقات أكثر فأكثر، مثل: اتهام بايدن للرئيس بوتين بـ«القاتل»، والحديث عن «ردع روسيا وتدفيعها ثمن تصرفاتها»، على خلفية اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، وشن هجمات إلكترونية، فضلاً عن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وأخيراً الأزمة الأوكرانية.

كانت هناك مخاوف من أن تتحول القمة إلى مبارزة مفتوحة بين الرئيسين، لكن البداية أوحت بعكس ذلك؛ إذ إن الرئيسين عندما التقيا وجهاً لوجه أمام قصر «لا غرانغ» السويسري؛ أبديا شيئاً من الإيجابية المتبادلة، فالرئيس الروسي شكر نظيره الأمريكي على اقتراحه عقد القمة، وتمنى أن تكون «مثمرة»، فيما وصف بايدن الولايات المتحدة وروسيا بأنهما: «دولتان عظيمتان»، وأبدى قناعة بأن اللقاء وجهاً لوجه يمثل «خطوة مفيدة»، لافتاً إلى أن واشنطن تحاول تحديد المجالات ذات الاهتمام المشترك مع موسكو.

القمة انطلقت على نطاق ضيق بين الزعيمين بحضور وزيري خارجية البلدين سيرجي لافروف وأنتوني بلينكن، وكان من المفترض أن تستمر الجولة الأولى 75 دقيقة، لكنها استمرت نحو ساعتين، ثم استؤنفت بمشاركة وفدي البلدين لساعة ونصف الساعة، ما يعني استفاضة في مناقشة القضايا موضوع الاهتمام المشترك.

المهم أن القمة انتهت وحققت ما يمكن أن تحققه من نجاح في ظل الظروف التي انعقدت فيها. فقد تم الاتفاق على عودة السفيرين الروسي والأمريكي إلى كل من موسكو وواشنطن، كما تم البحث في تحقيق الاستقرار الاستراتيجي، وبدء مشاورات بشأن الهجمات السيبرانية، وأشار بوتين إلى أن الرئيس الأمريكي تعهد بتمديد اتفاقية ستارت لمدة ثلاث سنوات، ووصف الرئيس الأمريكي بأنه «رجل دولة خبير وقائد يسعى إلى تخفيف التوتر»، مؤكداً «السعي إلى إيجاد أرضية مشتركة؛ لحل الخلافات بين البلدين»، وبشأن أوكرانيا، قال بوتين: «إن موسكو ملتزمة بتطبيق وتسهيل اتفاق مينسك».

انتهت القمة، وتحقق اختراق لم يكن ممكناً من دونها، وما تم إنجازه من خطوات؛ يمكن البناء عليها، والتقدم نحو تحقيق المزيد من الإنجازات.

ما تحقق بدأ في إذابة جبال الجليد بين البلدين، ووضع أسس بناء الثقة بين قطبين رئيسين، لتجاوز حالة التشاؤم، وفتح حدود التفاؤل.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …