بقلم: د. أيمن سمير – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – «الكراهية ليس لها مكان هنا»، بهذه اللافتات ندد أبناء منطقة لندن بولاية أنتاريو الكندية وهم يسيرون على الأقدام سبعة كيلومترات رفضاً للجريمة العنصرية التي ارتكبها ناثانيال فيلتمان الذي ينتمي لجماعات «تفوق العرق الأبيض»، حينما دهس بشاحنته أربعة أفراد من أسرة مسلمة واحدة بدافع الكراهية والعنصرية، وهي الجريمة التي هزت المجتمع الكندي الهادئ، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بأن جماعات «الإرهاب الأبيض» تكتسب أرضاً جديدة كل يوم في أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، وهو ما يفرض على تلك المجتمعات تبني «مقاربة سياسية» لحماية المهاجرين والمسلمين والملونين وغيرهم بعد صعود اليمين الأبيض والنازيين الجدد، فكيف يمكن لجم هذه التنظيمات العنصرية؟ وهل يمكن بناء «إجماع دولي» يستطيع حشد الطاقات الإنسانية من أجل «معادلة جديدة» تقوم على العدالة والإنصاف واحترام الآخرين؟
تنتشر تنظيمات العنصريين البيض تحت سمع وبصر النخبة السياسية، كما أن أحزاب اليمين المتطرف تقدم «غطاء سياسياً» لهذه الجماعات العنصرية، إذ تتفق تلك الأحزاب مع أهداف جماعات اليمين الأبيض على الدعوة لتأسيس دول تقوم فقط على العرق الأبيض وتمنع المهاجرين والمسلمين والملونين وحتى اليهود من دخولها، فجماعات مثل «كلو كلوكس كلان» موجودة منذ نهاية الحرب الأهلية الأمريكية، وزاد أتباعها من جديد منذ عام 1924، ولم تتخذ سلطات ولايتي نيوجرسي وكاليفورنيا التي يتركز فيها أعضاء الجماعة إجراءات واضحة ضدهم، كما أن كندا والولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات ضد جماعات «النازيون الجدد»، و«الكونفدراليون الجدد» و «ضد المسلمين» والأخيرة لها 101 فرع في أمريكا الشمالية، وهناك في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 917 جماعة عنصرية تؤيد التفوق الأبيض.
أفكار متطرفة
وزادت التكنولوجيا الحديثة والإنترنت من سهولة التواصل بين المجموعات العنصرية، إذ استقى الأسترالي المهووس بتفوق العرق الأبيض برنتون تارانت أفكاره المتطرفة عبر الإنترنت، وهي الأفكار التي قادته لارتكاب مذبحة كرايست تشيرش، واستمرار هذا الإرهاب الأبيض سيؤدي لفوضى عارمة، إذ سيواجه التطرف اليميني بتطرف يساري تمثله التنظيمات «الأناركية» اليسارية شديدة التطرف مثل «أنتيفا»، و«الانفصاليون السود»، وهنا يجب الانتباه لخطاب الكراهية الذي تتبناه الأحزاب اليمينية في الغرب مثل أحزاب الفجر الذهبي في اليونان، والشعب في الدنمارك، وشين فين الجمهوري، وهو الجناح السياسي للجيش الجمهوري الأيرلندي، والحزب القومي الديمقراطي الألماني، وحركتي يوبيك بالمجر وأتاكا في بلغاريا.
نعم دان رئيس الوزراء جاستين ترودو وغيره من المسؤولين الكنديين دعس الأسرة المسلمة، ولكن مكافحة «الإرهاب الأبيض» تحتاج أكثر من ذلك من خلال وضع «خريطة طريق» سياسية وثقافية لمحاصرة التطرف.