الشرق اليوم – اتسم الإعلان الذي أصدره قادة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في ختام قمتهم، الأحد الماضي، بالمواجهة فيما يتعلق بسلوك الحكومتين الروسية والصينية.
إن القمة التي عُقدت في مقاطعة كورنوال جنوب غربي إنجلترا انتقدت بكين بشدة على ممارستها القمعية ضد مواطنيها، وتعهدت بالتحقيق في مصدر جائحة “كوفيد-19″، كما شجبت بقوة استخدام موسكو غاز الأعصاب والهجمات الإلكترونية.
وأضافت أن القادة حاولوا اتخاذ موقف موحد إزاء جملة من المخاطر، إلا أنهم لم يتفقوا حول عدد من القضايا الحيوية تتراوح من وضع جداول زمنية للحد من استخدام الفحم الحجري إلى التعهد بتقديم مئات المليارات من الدولارات في شكل مساعدات للتصدي لمبادرة الحزام والطريق التي تتبناها الصين بهدف إحياء طريق الحرير القديم، والذي يعد مشروعا للاستثمار الخارجي والإقراض.
وقد رحب جميع المشاركين تقريبا بـ”اللهجة الجديدة” التي اتسمت بها القمة، بينما شرعوا في إصلاح التصدعات التي نجمت عن تعامل المجموعة طيلة 4 سنوات مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقب اجتماعه بنظيره الأميركي جو بايدن، بأن مجموعة السبع “ليست ناديا مناهضا للصين”، بل تمثّل “تجمعا لديمقراطيات” تسعى إلى “العمل مع الصين بشأن كافة القضايا العالمية” وبمعزل عن الخلافات.
ذلك التصريح يعد بمثابة “إطراء” سيحظى باستحسان كثير من الأميركيين، لكن قد يراه المتبنون لشعار ترامب “أميركا أولا” غدرا بمصالح الولايات المتحدة.
لقد كان الاختلاف في نبرة خطاب القادة لافتا للنظر بلا أدنى شك، فقد كان آخر مرة يلتئم فيها شمل قادة مجموعة السبع -حضوريا وجها لوجه- في مدينة بياريتز جنوبي فرنسا عام 2019.
ولم يشر البيان الختامي آنذاك قط للصين فيما تملصت الولايات المتحدة عن كافة الالتزامات بخصوص التصدي لأزمة المناخ، وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تأييده للبيان الختامي الذي أصدره القادة خلال القمة.
غير أن هذه المرة جاءت مخرجات قمة كورنوال متوافقة بامتياز مع اللغة التي اتسمت بها حقبة الحرب الباردة، وهو ما يعد انعكاسا لعمق الإحساس بأن روسيا “المتراجعة” والصين “الصاعدة” تعكفان على تأسيس كتلتهما المناوئة للغرب.
كما شجبت مجموعة السبع في بيانها الختامي سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “المزعزع للاستقرار” وأنشطته “الخبيثة”، ومن بينها التدخل في الانتخابات الأميركية والقمع “الممنهج” للخصوم والإعلام.
ورغم أن بايدن نجح في دفع نظرائه إلى تبني وضع أكثر عدائية تجاه الأنظمة الاستبدادية، فإن مجموعة السبع أخفقت في الاتفاق على محاور رئيسية في أجندة السياسة الخارجية التي طرحها الرئيس الأميركي في وقت سابق.
فالمجموعة لم تستقر على جدول زمني للتوقف عن استخدام الفحم لتوليد الطاقة الكهربائية، وهو ما يراه المدافعون عن المناخ مؤشرا على غياب الإرادة في مواجهة واحدة من أكبر مسببات ظاهرة الاحتباس الحراري عالميا.
وبحسب خبراء في الطاقة فإن إخفاق دول المجموعة -التي تتسبب في نحو ربع تلوث المناخ بالعالم- في الاتفاق على موعد نهائي للحد من استخدام الفحم يضعف قدرتها على دفع الصين للتوقف عن استغلال تلك المادة.
ورغم أن القادة دعوا بكين لاحترام “الحريات الأساسية، خاصة ما يتعلق منها بإقليم شينجيانغ” حيث تُتهم بكين بارتكاب انتهاكات ضد أقلية الإيغور، وفي هونغ كونغ حيث تستهدف الناشطين المدافعين عن الديمقراطية، فإنهم لم يتفقوا على منع مشاركة الغرب في المشاريع التي تستفيد من العمل القسري.
وبدلا عن ذلك، انتهى الأمر بإصدار إعلان “مبهم” يقضي بتشكيل مجموعة عمل “لتحديد مجالات توطيد التعاون وتضافر الجهود الجماعية بغية القضاء على الاستعانة بكافة أشكال العمل القسري في سلاسل التموين العالمية”.
ترجمة: الجزيرة